* أكاديمي وباحث جزائري في الفكر الإسلامي
مقاربة تحليلية لاستعادة دور المعلم 1

د. أحمد محمود عيساوي
إنه لمن المؤسف حقا في قرن العلم والمعرفة وتسخير قوى الطبيعة والسيطرة الكلية على البر والبحر والجو.. طرح مثل هذا العنوان القيمي بمتغيراته الكلية والأساسية والفرعية، كما أنه من المُحيِّرِ والمُقلقِ أيضا معالجة مثل هذه الإشكالية البحثية الغريبة جدا في قرن الاتصالات الإلكترونية والمعلوماتية الجارفة، وإنه مما يُحتم ويفرض الحيرة والغرابة والأسف.. كون العنوان يتناول صاحب المقام العالي (المعلم) المساوي للنبي في الدرجة والمُوَّقِعِ عنه عن رب العالمين وعن عالم الحق والحقيقة المقدس، وكونه المُكلف الوحيد والمعني الفريد لقيادة المجتمع والناس، ولكون ما وصلتْ إليه البشرية من رقي وتطور ونهضة كان بفضل جهوده وإتقانه لوظيفته المقدسة. إذْ كان يُفترض فيه أن ينأى بمنصبه (الكارزمي) عن أن يكون موضوعا للنقاش والبحث والجدل والإهانة أيضا، والبحث عن الدور الغائب أو المُغَيَّبِ في ركام الفرضيات التي كان في غنى عن أن تتخذ عرضه مادة للنهش واللوْكِ، وأن يسمو بمكانته من أن يكون مقامه موضعا وهدفا للتساؤلات والفرضيات والطروحات والاستقصاءات والتحليلات والاستنتاجات.. وكأنما هو قاصر محجور عليه، يلهث عن من يجد له دوره الغائب في الحياة، بعد أن كان – قبل أن يتوفى- يُحدد ويرسم للناس وللبشرية جمعاء أدوارهم ويوقع على حاضرهم ومستقبلهم ومصيرهم في الحياة.
وقد تهيبتُ طويلا من خوض هذا الحمى المقدس، كوني كنت من جيل يُقدس المعلم ويختفي خلف والده عندما يرى أو يقابل معلمه أو يلقاه في الشارع أو السوق، ولولا أقدميتي ورساليتي في هذا الحمى 1982-2016م الحصين لما اقتحمت هذه الحصون المقدسة، ومع كل هذا التهيب والرهبة فقد قدَّمْتُ خطواتٍ عقلية عملاقة في فرضياتي، وأَخَّرْتُ أُخراً في منهجي وتحليلاتي وأنا أتساءل قائلا: هل بقي للمعلم من دور تنويري اهتدائي في المجتمع؟ ولماذا تخلى عن دوره التقليدي؟ وهل له دور في ذلك؟ أم أن عجلة الحداثة والتشكيك والتفكيك والتحلل والتحرر والانسلاخ الجبارة فككت كل شيء وأتت بعد ذلك على مقام (صاحب المقام؟)، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون عملية تدافع للسنن الكونية لتجري مجراها الطبيعي؟ (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف بدأ الخلق ثم الله يُنشىء النشأة الآخرة).
وقد تساءلت كثيرا وبعمق عن العوامل التي أدت لتلاشي دوره العالي؟ وتساءلت قائلا: ألم يكن هو مرشد الأمم وباني الأجيال؟ ألم تُؤَّلَفُ فيه وفي دوره ومكانته وتأثيراته المئات بَلْهَ الآلاف من الكتب؟ ألم يكن يوما موضوعا وغرضا شعريا بامتياز للشعراء والأدباء؟ ولماذا زهدوا اليوم فيه وفي دوره الرسالي؟ ومن سَفَّهَ دوره وقزمه في مخيال تلامذته؟ ومن المسؤول عن ذلك؟
إنه طمي من التساؤلات والفرضيات الواجب طرحها اليوم، وبكل قوة وصدق وعمق وعقلانية ومنهجية.. لعلنا نترسم المعالم والأسباب الحقيقية التي طوَّحَتْ به من عالمه المقدس ورمته في عوالم سفلية أخرى؟
وقبل البحث عن مكانة المعلم في المنظومة الفكرية والتربوية الإسلامية الرائدة نود أن نقنن مجموعة من الخطوط التي أدت للتطويح بمكانته العالية، فقد تجمعتْ جملة من العوامل لتتردى به من تلك المكانة العالية، ولعل البحث والتمحيص والتحليل قاد إلى بعضها، وهي كالآتي:
1 – انتشار موجة التمرد والعصيان والإلحاد والإباحية التي اجتاحت العالم.
2 – طغيان شبكة التواصل الإلكتروني والعنكبوتي المذهلة التي استعبدت ما تبقى من الخلائق أجمعين.
3 – تراجع وتيرة التدين والإيمان والتوازن القيمي، وطغيان روح البهيمية المادية والبوهيمية السفلى على فرد القرن الواحد والعشرين.
4 – بروز حركات خفية .. تسعى للتطويح بمكانته كونه يعرقل خط سيرها البهيمي، والذي تهدف من خلاله
تخضيع الرقاب، وتسخير ومسخ …
5 – تمييع مكانته الاجتماعية وضرب مستواه الاقتصادي، والتطويح بدرجته القيادية الكارزمية..
6 – حالة العياء النفسي والانشغال الاقتصادي التي آل إليها حال الفرد المعاصر جراء لهاثه اليومي والدائم للبحث عن تحسين المستوى المعيشي، ومنهم المعلم الذي انخرط في هذا السعار ضاربا عرض الحائط معالم مقامه الرفيع كمحرار ضابط لهذا السعار القيمي.
7 – الانهيار القيمي الذي دحرج قيمه الروحية والمعنوية والأخلاقية وأعاد ترتيبها تحت وخلف القيم المادية البحتة.
8 – دحرجة المشروع الحضاري والتربوي العربي والإسلامي والوطني الأصيل أمام المشروع الحضاري والتربوي الاستعماري في تصور بقايا السلطة الجزائرية.
أمانة جدة تستضيف ركنًا توعويًا بالشراكة مع مجمع إرادة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات ..... المزيد
وزير الصحة يدشن مشروع الروبوت الجراحي في مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة المكرمة ..... المزيد
إنفاذاً لتوجيهات الملك وولي العهد..وصول التوأم السيامي الصومالي إلى الرياض لدراسة امكانية فصلهما ..... المزيد
جمعية عين لطب العيون تستعد لاطلاق الاسبوع العالمي للجلوكوما ..... المزيد
ضياء: الإكثار من الماء أثناء السحور قد يرهق الكلى ويمهد لانخفاض “الصوديوم” ..... المزيد
صندوق النقد يشيد بمتانة اقتصادنا
طلعت حافظالاعتراف بإسرائيل حقيقة أم وهم؟!
خالد المالكالزميل الحجيري يتلقى التهانى بمناسبة ترقية ابنه الى رتبة نقيب بحري ..... المزيد
الزميلة بديعة تتلقى التهاني بمناسبة تعيين ابنها وكيلاً لإمارة منطقة حائل ..... المزيد
الزميل حافظ غادر المستشفى بعد تماثله للشفاء ..... المزيد
ماجد السلمي مديرًا للإعلام الرقمي وأخصائيًا إعلاميًا بخبرة تمتد لأكثر من 15 عامًا ..... المزيد
ضمن جهودها في التصدي للأنشطة العشوائية أمانة جدة تُغلق 10 محالّ مخالفة في نطاق الجنوب ..... المزيد
شاركنا بتعليق
لا يوجد تعليقات بعد