ظاهرة الفن الهابط..التافهون سيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه(2)
كتب الدكتور صبري محمد خليل*
منع الفن الهابط محل إجماع بين العلماء، إذا كان العلماء قد اختلفوا في حكم الفنون الى مذهبين هما المنع والضبط ، فان منع الفن الهابط هو محل إجماع بينهم ، لإنّ من قال منهم بالإباحة(مذهب الضبط) لم يقل بالإباحة المطلقة ، بل الإباحة المقيدة بعدم التناقض مع الضوابط الشرعية ،وبالتالي فهي لا تشمل الفن الهابط ، وهنا نشير إلى بعض أقوال بعض العلماء القائلين بمذهب الضبط ، والتي تدل على تقريرهم منع الفن الهابط الذي يحرك الصفات الذميمة ويثير الهوى ويوقظ الغرائز بتعبيرهم، حيث يقول الإمام العز بن عبد السلام في كتاب "حل الرموز ومفاتيح الكنوز أو بين الشريعة والحقيقة " (إن السماع ينقسم إلى ثلاثة أقسام، حرام محض، وهو لأكثر الناس من الشباب، ومن تغلبت عليهم شهواتهم ولذاتهم ، وملكهم حب الدنيا، وتكدرت بواطنهم، وفسدت كل مقاصدهم، فلا يحرك السّماع منهم، إلا ما هو الغالب عليهم، وعلى قلوبهم من الصفات الذميمة)، ويقول الإمام الهروي في كتاب "التمكين في شرح منازل السائرين ": وإن كان السماع مثيرًا للهوى موقظًا لغرائز النفس، ويراد به غير المقصود منه، فهو في مثل هذا المقام فتنة ويحرم)
-أسباب ظاهره الفن الهابط
-أسباب فنية "غياب الفن الراقي"، بخلو الساحة الفنية من الفن الراقي ، فالنزوع للجمال والتذوق الجمالي أمر فطرى كما قررت النصوص كما فى قوله تعالى ( وتستخرجوا منه حلية تلبسونها )،وقال الرسول صلى الله عليه وسلم( إن الله جميل يحب الجمال )، و قوله(صلى الله عليه وسلم ) في حديث الاستسقاء (لهم انزل علينا في أرضنا زينتها ) ( رواه البخاري وأبو داؤود والنسائي)، لذا فان الموقف الحقيقي للإسلام من الفنون كمحاوله لإشباع التذوق الجمالي الفطري- هو الضبط وليس المنع- لذا فان غياب الفن الراقي يمهد الطريق أمام ظهور الفن الهابط استنادا إلى قاعدة "الطبيعة تكره الفراغ".
-أسباب نفسيه "الإحباط ومحاوله الهروب من الواقع"، إذ ترى الدكتورة عزة كريم أستاذ العلوم الاجتماعية في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يشعر بها الشباب، والتي تؤدي إلى تعرضهم لمشاعر الإحباط والاكتئاب في أوقات كثيرة، هي السبب في اندفاعهم نحو أعمال فنية هابطة، لمجرد تفريغ شحنة الاكتئاب أو الإحباط، في حين يعزو باحثون آخرون أسباب الإقبال على الفن الهابط إلى محاوله الهروب من الواقع ومشاكله.
-أسباب اقتصادية "تطبيق النظام الرأسمالي، وترك الإنتاج الفني للقطاع الخاص"، إن تطبيق الدول العربية للنظام الاقتصادي الرأسمالي تحت شعارات "الانفتاح الاقتصادي، الخصخصة، التحرير الإصلاح الاقتصادي"، يتناقض مع القيم الحضارية والدينية للشخصية العربية المسلمة، والذي يحول أي نشاط إنساني بما فيه "الفن" إلى سلعة، ويتصل بتطبيق النظام الرأسمالي ترك الإنتاج الفني للشركات الخاصة التي تستهدف الربح.
-أسباب حضارية "الغزو الثقافي والتغريب"، الغزو الثقافي والتغريب الذي يحاول اقتلاع الشخصية العربية من جذورها العربية، والإسلامية المشاريع، ويقف وراء هذا الغزو الثقافي والتغريب العديد من القوى ومنها القوى، التي تقف وراء مشروع الشرق الأوسط الجديد، الامبريالي، الصهيوني ، والذي يهدف إلى الارتداد بالنظام السياسي العربي من مرحله التجزئة على أساس شعوبي " الدول الوطنية العربية"، بعد اتفاقيه "سيكس بيكو"، بين قوى الاستعمار القديم (بريطانيا وفرنسا) ، إلى مرحله التفتيت على أساس طائفي، قبلي، عشائري "الدويلات".
-أسباب عالميه(النظام الاقتصادي العالمي) "نظام التفاهة"، إذ يرى أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية الكندي ألان دونو فى كتابه "نظام التفاهة"(Mediocratie) أن التافهين قد سيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه، ويرجع ذلك إلى عاملين، العامل الأول يتمثل في تغير مفهوم العمل(تنميط العمل تشييئه)، والعامل الثاني، يتمثل في حكم التكنوقراط، واستبدال الإرادة الشعبية بالمقبولية الاجتماعية ، بناء على هذا التحليل فان من أسباب شيوع الفن الهابط على مستوى العالم ،ما أطلق عليه دونو "نظام التفاهة" ، والذي هو مرحله من مراحل تطور النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي.
-أسباب سياسية "الاستبداد"
من أسباب شيوع الفن الهابط أن النظم الاستبدادية تعمل على الهاء الشباب عن النشاط السياسي بكل السبل بما فيها تشجيع او على الأقل إفساح المجال أمام الفن الهابط.
-آليات محاربه الفن الهابط
اقترح الباحثون الكثير من آليات محاربه الفن الهابط ومنها، العمل على تحقيق توازن بين حرية الإبداع الفني، والضوابط القيمية والاخلاقية للإبداع الفني، الاهتمام بماده التربية الفنية في المراحل التعليمية المختلفة، التأكيد على دور الدولة والقطاع العام في تشجيع الفن السامي والراقي، والمقاطعة الشعبية للأعمال الفنية الهابطة.
* أستاذ فلسفه القيم الإسلامية في جامعه الخرطوم
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة ..... المزيد
المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات ..... المزيد
ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم ..... المزيد
“الصحة”تطلق حملة التحصين التكميلية للحصبة والحصبة الالمانية والنكاف ..... المزيد
سبل والصحة يوقعان اتفاقية على هامش ملتقى الصحة العالمي 2024 ..... المزيد
فهم ما يجري في المنطقة من اضطرابات
صدقة يحيى فاضلمجتمعنا بحاجة لمؤسسة تعزيز الصحة
الدكتور عبدالرحمن القحطانيهل بدأ اليوم التالي في المنطقة؟
حمود أبو طالبالتعليم: لا علاقة للعلاوة السنوية بالرخصة المهنية ..... المزيد
ضبط 3.6 طن من الثوم المخالف في نطاق بلدية بريمان بجدة ..... المزيد
البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية ..... المزيد
أمانة جدة تزيل 34 مظلة مخالفة ضمن حملة ميدانية لتصحيح المشهد الحضري” ..... المزيد
أمانة محافظة جدة تعزز التواصل بين القيادات والموظفين في اليوم العالمي لإدارة المشاريع ..... المزيد
شاركنا بتعليق
لا يوجد تعليقات بعد