* باحث وأكاديمي جزائري وعضو عامل في رابطة الأدب الإسلامي العالمية
(رحلتي إلى غرب إفريقيا مع رابطة العالم الإسلامي)الحلقة1
أ.د. أحمد محمود عيساوي
مشاهدات وتنبيهات – في نواكشوط –
وإذا العنايَةُ لا حظتْكَ عيونُها *** نَمْ فالمخاوف كلهن أمانُ .
وقد أعددتُ عدتي العلمية فكتبت دراسة علمية ألقيتها في المؤتمر الأول وعنوانها: (الجهل بالدين سبيل الغلو والتطرف) وقد طَبَعَتْها رابطة العالم الإسلامي في سلسلة إصداراتها الدورية، ودراسة ثانية ألقيتها في المؤتمر الثاني وعنوانها: (دور الأسرة والمجتمع في تحقيق التنمية والاستقرار) طبعتها أيضا وهما مسجلتان في موقع (اليوتيوب)، فضلا عن تشريف معالي الأمين العام لشخصي المتواضع لإلقاء كلمة الوفود المشاركة في المؤتمر. وثَلَّثْتُها بقصيدة ومداخلة نقدية متواضعة في مهرجان فاس الشعري السادس، وعنوان قصيدتي (أنا على ضِفَّتَيْ فوضى التأملات) وهي قصيدة نثرية مطلعها: (أنا هناك بأشلاء جسدي على الضفة الأخرى، وأنا هنا بما تبقى لي من تسابيح الكلمات، فمن يا ترى منا أنا؟ أنا، أم الآخر؟ أنا المبعثر المنهوك الذي هناك، أم أنا التائه المتلاشي الذي هنا.. أم أنا الصامت الحائر على ضِفَّتَيْ فوضى أضاميم الكلمات..) إلى نهاية القصيدة. وقادتني هاته الرحلة ( المغرب، موريتانيا، السنغال) إلى هذه المشاهدات التي أرى أنها جديرة بالتسجيل.
* مشاهدات في نواكشوط:
وفي ليل وسماء العاصمة نواكشوط الباهت الحزين والمظلم انتظرني ممثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الإسلامية اللبق المحترم جدا على سلم الطائرة مباشرة وهو يحمل قطعة كرتون مكتوب عليها (ضيف رابطة العالم الإسلامي)، حيث فوجئت بمطار بسيط ومتواضع وصغير، ومنه إلى قاعة الشرف التي جنبتنا الكثير من الإجراءات، ثم سرت بنا السيارة تقطع شوارع العاصمة نواكشوط غير المُرصفة وغير المُعبدة إلى فندق (موري سنتر) أربع نجوم، وهو أفخم فندق في موريتانيا كلها، وقد التقيت صديقي الأستاذ الدكتور (محمد يعيش) عميد كلية الشريعة الإسلامية بالجزائر العاصمة، وَوُضعتْ تحت تصرفنا سيارة رئاسية تمسك بنا سائقها إلى آخر يوم، وسررنا أننا وصلنا يوما قبل انعقاد المؤتمر لنتفسح في العاصمة نواكشوط، ولكننا فوجئنا بوضعها البنيوي والعمراني والاقتصادي والاجتماعي البائس جدا، وحضرنا أشغال المؤتمر، والتقينا بالخبنة الموريتانية، وما يمكن تسجيله هنا الآتي:
1 – أن صورة المملكة العربية السعودية في نفوس وعقول ومخيال الموريتانيين كبيرة وكبيرة جدافي ظل حكمة وقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وسمو ولي عهد الأمين محمد بن نايف بن عبد العزيز حفظه الله، وولي ولي عهده الأمين محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظه الله.
2 – أنهم يتطلعون نحو إخوانهم في المملكة العربية السعودية تطلعا فيه الاحترام والتقدير والتبجيل والإحسان والمعروف.
4 – أن العاصمة نواكشوط بلدة تفتقر للبنية التحتية، فلا شوارع معبدة غير بعض الشوارع، حيث الوزارات وقصر الحكومة والرئاسة والبرلمان والإذاعة والتلفزيون، والباقي مسالك رملية وترابية، ولا أرصفة، ولا إنارة، غير بعض الشوارع منارة بالطاقة الشمسية، ولا مباني عالية، فأعلى بناء فيها لا يتجاوز أربع طوابق، ولا مشاريع اقتصادية أو تجارية تذكر، وفوضى مرورية وغيرها، وفقراء ومتسولون، وغلاء وشح في عرض السلع.
5 – أنهم شعب طيب وودود ومسالم وحيي، فحتى المتسولين منهم يدعون لك ويسلمون عليك وإن لم تمنحهم شيئا، وكذلك أمر مثقفيهم الذين يتقبلون كل نقد وتوجيه دونما حرج، ويمنحونك الكلمة ولا يحددونها بوقت، بل يتركونك حتى تنهي كلمتك، وهي ميزة لم أرها في أي ملتقى عالمي أو وطني شاركت فيه.
6 – أن نخبهم المثقفة يطغى عليها العلم الشرعي التقليدي القديم الممزوج بالحفظ والاستظهار ونظم المنظومات، والقليل منهم – حتى كبار علمائهم – ليس لديهم رؤية ووجهة نظر خاصة به، بل كل ما عندهم محفوظات، عدا الشيخ (عبد الله بن بيّة) الذي أقام لنا وليمة عشاء متميزة في بيته (قصره) على شرف ضيوف الرابطة حضرها السفير السعودي في نواكشوط، له آراء واجتهادات خاصة به، وله ذكريات حافلة في المملكة العربية السعودية والجزائر مع ملتقيات الفكر الإسلامي ومع الوزراء الراحلين (مولود قاسم، عبد الرحمن شيبان)، ومع الغادين باقي بوعلام وحمودة عبد الوهاب وسعيد شيبان وعبد الرزاق قسوم وعمار طالبي والعربي كشاط ومحمد الهادي الحسني.. وقد أوصاني بتحيتهم، وهذه مناسبة تبليغهم..
7 – أن ملتقاهم مجرد سجالات معرفية ومرافعات مدرسية نمطية ونسقية، وكأنك في فصل دراسي تأخذ محاضرة في الفقه أو الأصول أو الحديث.. لا تتضمن رؤية ووجهة نظر وأفكار واقعية وحيوية جديدة..
8 – أنهم محصنون دينيا وثقافيا بالمحاظر (الكتاتيب) وبالعلم الشرعي والعربي التقليدي، وهم ينسجون قاعدة التدين التي وثقها اين عاشر في منظومته: وفي عقد الأشعري وفقه مالك ** وطريقة الجنيد السالك. وبالتالي فهم مجتمع غير قابل للاختراق الديني أو الثقافي، أو نحوه..
9 – أنهم يتطلعون إلى الدولتين الكبيرتين (المملكة العربية السعودية والجزائر) لأن تستثمر في بلدهم أو تدعو رجال المال والأعمال ليقوموا بتوظيف مجموعة من الاستثمارات المتنوعة، للرفع من مستوى الشعب الموريتاني الاقتصادي والمادي والعمراني والبيئي..
10- أنهم يقبلون بالرأي الآخر ويرحبون بالجديد، ولاسيما صنف الشباب منهم الذين يشتكون سطوة وهيمنة الحرس القديم من العلماء التقليديين الذين لا يسمحون للجيل الثاني والثالث من النخبة بالمرور أو البروز أمامهم، وهو ما كاشفوني به رجالا ونساء، وهو ما عبته عليهم علانية في قاعة المؤتمر، وفي تلفزتهم في حصة حوار مفتوح.
* تنبيهات: وما يستدعي التنبيه هنا الآتي:
1 – أن موريتانيا فضاء رحب للاستثمار الرابح في الكثير من المجالات الخدمية والصناعات التحويلية والصغيرة والمتوسطة وفي الكثير من المجالات الصناعية كـ: مصانع الآجر والجير والجبس والدهون والأنابيب والزجاج والإسمنت وخزانات وعدادات المياه والكهرباء وسائر الخردوات الصناعية التي رأيت مصانعها في المنطقة الصناعية بغرداية، وبإمكان رجال الصناعة الجزائريين والسعوديين تحقيق نهضة اقتصادية في موريتانيا مع العلم أن قوانين الاستثمار ضامنة لذلك. وقد وعد الأمين العام للرابطة في كلمته الختامية بالقادم العملي، وأعتقد أنه يفعل لوفاء المملكة بتعهداتها.
2 – عدم ترك المنطقة فارغة للقوى العالمية، ولقوى الكيد والتآمر، حيث هي الحصن الأول والمنيع لإيقاف الهجرة نحو الشمال، حيث الأيدي العاملة الشبابية والرخيصة والماهرة والمتقنة، وحيث البطالة الواسعة، وحيث الفراغ القاتل، فللقضاء على أي نشاط مشبوه للقوى الاستعمارية أو لقوى الكيد والتآمر والإرهاب يجب استدراك ما فات من مبادرات حقيقية لامتصاص ضغط الشارع والقوى الشبابية الفاعلة.
3 – أن الجزائر مسحت ديون أفريقيا والمقدرة بتسعة آلاف مليار دولار، وهو رقم مهول كان يمكن أن تستثمر فيه الجزائر في إفريقيا وتضع مواطىء أقدامها في عالم التوازنات السياسية في أفريقيا، وأعتقد أنه لن يغيب عن المسؤولين الجزائريين ذلك. وعلى المملكة أن تضع التجربة الجزائرية الإفريقية موضع الحساب والنظر قبل أن تغامر في ذلك.
4 – يُشكل الاستثمار في موريتانيا حاجزا منيعا ضد توسع نشاط الجماعات الإرهابية التي تستغل حاجة الناس للمال، فتعريهم به فيفسدون بذلك كل آمال للتنمية والاستقرار.
5 – يحتاج الاستثمار إلى رجال أعمال ومال رساليين ربانيين، يحملون هما وهدفا إسلاميا عاليا، وهو ترقية وتنمية المجتمعات المسلمة لضمان أمنها واستقرارها وتنميتها ونهضتها، لأنهم بتضحياتهم تلك سيغلقون الباب أمام كل التيارات والجماعات والحركات والتنظيمات والقوى الإرهابية من الاستثمار في المنطقة وقواها الشبابية الحية. وفي انتظار ذلك، أرجو أن نكون حقيقةً أفضل مما يظن إخواننا الموريتانيون.
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة ..... المزيد
المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات ..... المزيد
ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم ..... المزيد
“الصحة”تطلق حملة التحصين التكميلية للحصبة والحصبة الالمانية والنكاف ..... المزيد
سبل والصحة يوقعان اتفاقية على هامش ملتقى الصحة العالمي 2024 ..... المزيد
فهم ما يجري في المنطقة من اضطرابات
صدقة يحيى فاضلمجتمعنا بحاجة لمؤسسة تعزيز الصحة
الدكتور عبدالرحمن القحطانيهل بدأ اليوم التالي في المنطقة؟
حمود أبو طالبالتعليم: لا علاقة للعلاوة السنوية بالرخصة المهنية ..... المزيد
ضبط 3.6 طن من الثوم المخالف في نطاق بلدية بريمان بجدة ..... المزيد
البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية ..... المزيد
أمانة جدة تزيل 34 مظلة مخالفة ضمن حملة ميدانية لتصحيح المشهد الحضري” ..... المزيد
أمانة محافظة جدة تعزز التواصل بين القيادات والموظفين في اليوم العالمي لإدارة المشاريع ..... المزيد
شاركنا بتعليق
لا يوجد تعليقات بعد