(لماذا تنغصون علينا حياتنا؟)د.الربيع الشريف
د.الربيع بن محمد الشريف
للأسف الشديد هناك نوعيه من البشر لا ترتاح إلا بإثارة المشاكل، رغم أن الإسلام جعل من كف الأذى عبادة.
أدى الخبر الذي تناولته أكثر الصحف الالكترونية، ومفاده " قالت هيئة الإعلام المرئي والمسموع في بيان نُشر لها إنه "نظرا لما تم تداوله في وسائل إعلام مختلفة اليوم عن إطلاق السينما في السعودية، تود الهيئة أن توضح أن الخبر لا صحة له، و أنه لا توجد أي صفة رسمية للجهات أو الأشخاص الذين تم ذكرهم في الخبر".
بالله عليكم ما أهمية هذا الخبر ليكون على قائمة اولويات أجندة الإعلام المسموع والمرئي، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، ثم ما دلالة استخدام لفظة إطلاق، أو السماح، فهي توحي بكل وضوح بأن شيئاً ضارا كان ممنوعاً، ونتيجة لضغط معين سمح به، وحقيقة الأمر أن السينما هنا استخدمت للتضليل على العوام والدهماء، ومن هنا أقول يا ليت دعاة السماح للسينما كان همهم على المجتمع، وتثقيفه وتنويره، ولو كان الأمر كذلك لأيدناهم بكل ما نملك من اصوات، ولكن للأسف همهم جيوبهم والجمهور " عايز كده " ودعني أسأل بكل براءة أصحاب مشاريع ونداءات السماح للسينما ما هو المنتج الذي أنتم بصدد عرضه على الجمهور، أهو من أفلام السيرة النبوية العطرة رغم ما شاب بعضها من إقحام لمشاهد لا تليق بمثل هذا الانتاج، أم هو من أفلام الرحلات الماراثونية التي يقوم بها الرحالة لاستكشاف عوالم جديدة، أو البحث عن كنز ما، أم هي من أفلام الطبيعة، أو أفلام الحياة الفطرية وغير ذلك مما يعود بالنفع على المجتمع، وهذا هو الهدف الأسمى للسينما وكذلك المسرح. ولكن ولنكن واقعيين، لو عرضت دور السينما هذه النوعية من الأفلام، لما تردد عليها أحد، ولربما أقفلت أبوابها خلال أسابيع، ولكن ما سيعرض لن يخرج عن موضوع الدراما والأثارة، أو المغامرات التي لا تخلو من العنف والقتل والمشاهد التي يأنف البشر عن مشاهدتها. إذن فلماذا نتكلم عن السينما وكأننا نتكلم عن السماح للفضيلة بممارسة نشاطها من جديد، أما من يتكأ على مقولة إن السينما كانت موجودة منذ ثلاثين عاماً، أقول له ولماذا منعت؟ وإن كان الجواب صعباً عليه، فأنا لا أجد صعوبة أو حرجاً أن أقول أنها أساءت للمجتمع لانحدار مستوى الأفلام المنتجة العربية والغربية، وإن تفوقت الأفلام الغربية من حيث الإخراج وبراعته، إلا أنها لم تخل من مشاهد يندى لها الجبين، أما الأفلام العربية فيكفي أن مشهد الراقصة الاستعراضي كان ولا زال يمثل حجر الزاوية لهذه الأفلام، وهو لعمري مما تقشعر منه الأبدان.
فما هي السينما التي تتحدثون عنها يا من تروجون وتدعون للسماح بها، إن كانت من النوع الذي يثري الفكر والإبداع الإنساني ويوثق للحضارات فنحن معها وبشرط أن لا تنتهك التعاليم أو الآداب الإسلامية المرعية، وحتى لا يتهمني أحد بالغموض واستخدام العموميات، فأقول أقصد خلوها من التبرج والاختلاط، فنحن خلقنا مسلمين وعشنا مسلمين وسنموت بحول الله مسلمين، و لذلك فالتبرج والاختلاط بين النساء والرجال أمر محرم وخط أحمر لا نقبل النقاش أو الجدل فيهما لأنه محسوم من لدن رب العالمين، وما حدث من ويلات لكل المجتمعات الغربية والعربية، التي فرطت في موضوع التزام المرأة بالحشمة وابتعادها عن الاختلاط بالرجال، يقدم لنا الدليل على عظمة الدين الاسلامي ، وعدم خضوعه للأهواء، كيف لا وهو من لدن حكيم عليم، يقول تعالى "…. ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ..الآية " الحشر الآية 7.
نحن هنا في المملكة العربية السعودية، ومنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ومن جاء من بعده من أبنائه البررة وحتى يومنا الحاضر، أقولها بكل اطمئنان، استطعنا أن نجني ثمار الحشمة والتمسك بتعاليم الإسلام وخصوصاً في موضوع حجاب المرأة وعدم السماح لها بالاختلاط بالرجال، وتحجبها، رغم ضجيج بعض الأصوات المبحوحة التي تنادي بالتخفف منه، أقول جنيناه سكينة ووقار وهدوء تام، وأصبح الواحد فينا ولله الحمد يحمل عقل عالم من جزالة وتنوع ما تلقيناه من علم شرعي في مدارسنا، وعبر أكثر م نصف قرن ونحن نسير ونواصل المسير بتوفيق من الله، و بكل اطمئنان، فلا تنغصوا علينا حياتنا بمثل هذا الأخبار الشؤم ويكفينا ما نحن فيه من آمن وأمان لم يكن ليجد طريقه ممهداً لولا أن أساسه قويم وهو الإسلام بآدابه وتعاليمه، ولذلك فلسنا بحاجة لتجريب أمر شاهدنا نتائجه المرة والمؤلمة في المجتمعات الأخرى.
وهناك أمر آخر منغص أصبح كمتلازمة مرضية غير مصنفة لبعض الفعاليات التي تقام ويسمح فيها للمرأة بالمشاركة على هامش إحداها، كمعرض كتاب أو تصوير وغير ذلك من الفعاليات ذات الطابع الجماهيري، فما أن تبدأ الفعالية، إلا وتتابع الاخبار عن ظهور عنصر نسائي بشكل فيه خروج عن المألوف سواء من حيث التبرج أو من حيث المنتج الأدبي الذي تحاول أن تقدم، مما يستدعي تدخل مباشر من جهة رسمية كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ثم تبدأ كرة الثلج في التشكل ففريق يرى أن لا حرج فيما أقدمت عليه المرأة كوجهة نظر بينما الشرع الذي يحكمنا ويحكم تصرفاتنا يقول أن على المرأة الاحتشام وعدم الاختلاط بالرجال، فإن كان لا يحل لها أن تسافر بدون محرم وهي في جمع من الناس، فما بالنا بالتبرج وبحضور أجانب.
يبدوا أن البعض عنده مشكلة في فهم هذا الدين العظيم، فالدين الإسلامي قائم بذاته، ومن لدن حكيم عليم، ولذلك يشكل على البعض تطبيق بعض تعليماته، ويرون في تحريم بعض الأمور مشقة على النفس، ولكن لو تدبر الانسان الحكمة من التحريم، وما سيترتب على عدم التحريم من أضرار، لحمد الله كثيراً ولطابت نفسه.
وحري بنا نحن أبناء الإسلام أن نكون قدوة لغيرنا في التمسك بتعاليم ديننا الحنيف، فلا يليق بنا أن نكون مقلدين لمن تحكمهم القوانين الوضعية التي هي من صنع البشر المخلوقين ووفق اهوائهم.
إنه لمن المؤسف والمحزن أن نرى إعلامنا العربي ينزلق نحو هاوية برامج الإثارة والرقص والمسابقات التي تعج بالمخالفات الدينية، فضلا عن انتهاك الأعراف الاجتماعية للمجتمعات المحافظة لدرجة تخطت كل التوقعات التي كنا نخشى منها عندما بشر الغرب بالبث المباشر الذي يتم عبر الأقمار الصناعية، وكيف كانت هناك جهود مخلصة للوقوف في وجهه، لنُصدَم حقيقة أمام ما يعرض من إعلام هابط ومن خلال بعض قنواتنا العربية، وأقسم لكم أنني أحياناً أصاب بالإعياء عندما أمر على بعض القنوات العربية وأرى حجم الانتاج الرخيص، والوقت المهدر فيه من قبل الشباب عماد الأوطان.
كنا نعول على أعلام فضائي رياضي يحمل على عاتقه النهوض بعقول الشباب إلى ساحات الإبداع والتنافس الشريف، فإذا بنا نفاجأ بإعادة انتاج إعلام الصحف الورقية الذي تفوق في إذكاء روح التعصب بين الجماهير، وإهدار الساعات الطوال في الحكم على حالة تسلل أو هدف ملغى. ناهيك عن الترويج للمشروبات الغازية والمعلبات والمجمدة.
لقد كثرت الأقاويل بخصوص مساواة المرأة بالرجل، وليت من ينطلقون من هذه المقولة، يجوبون الأرض كلها ليروا البؤس والشقاء الذي تعيشه المرأة باسم المساواة، وما ذلك إلا لأن الله أخبرنا في القرآن ا لكريم بأن الذكر ليس كالأنثى، وهذا قول فاصل من الخالق سبحانه وتعالى ولا يحتاج إلى دليل. ولكن الغرب بحكم بعدهم عن الدين الحق، اعتقدوا بعدم وجود فرق، وهاهم اليوم يعانون الويلات من جراء المساواة لأن فيها ظلم امتهان لكرامة المرأة وتمادي من الرجل على حساب عواطفها ومشاعرها، فالمرأة لم تخلق لتكون بصلابة وعنفوان الرجال، بل هي مخلوق لطيف ورقيق وتحكمه العاطفة بدل العقل بعكس الرجال، وهذا لا يعيب المرأة بقدر ما يسموا بخلقتها بشكل تكاملي ويضفي عليها الكثير من الألق. فمن منا يريد أن يرى امرأة تتصرف كالرجال، لا أعتقد أن رجلاً يريد أن يرى هذا المنظر، يقول المولى عز وجل في محكم التنزيل " … فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى…. الآية. " آل عمران 36.
إن كل الذين يتاجرون بجمال المرأة في العالم من خلال تسويق المنتجات الاستهلاكية وادوات التجميل وعرض الأزياء، إنما هم يرتكبون أبشع جريمة في حق المرأة، من خلال استخدام لغة الجسد وكأننا امام مشهد غرامي في أحد الأفلام السينمائية رغم أن كليهما مرفوض، فكيف يستقيم الأمر مع من ينادي بحقوق المرأة لدرجة مساواتها بالرجل في كل الحقوق ومن ثم يمتهنها بهذا الشكل المهين، إنه تناقض ما بعده تناقض وتيه ما بعده تيه، المرأة في الإسلام كنز ثمين وجوهرة مصونة منذ ولادتها حتى تزف إلى من يستحقها من الرجال لتكون هي الأساس في تكوين الأسرة الصالحة النافعة للمجتمع، هي الغالية أماً وأختاً وزوجة، ويجب أن تصان حقوقها بالكامل، وأن لا يعكر صفو حياتها معكر لتتفرغ لأعظم وأشق مهمة وهي تربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الصالحة وهي مهمة لعمري لا تكافئها أموال الدنيا كلها، وذلك عندما نسأل ونقول كم يساوي ثمن تنشئة طفل أو طفلة من المال؟
طبعاً لا أعتقد أن الإجابة على السؤال السابق ستأخذ من القارئ الفطين الوقت الكثير، مقارنة بالوقت الذي يلزمنا لنجيب السائل المتلهف عن توقيت بداية السينما، وأذكر فقط بأننا نعيش سعداء في ظل الإسلام وتعاليمه فلا تنغصوا علينا حياتنا بمثل هذه الترهات.. والله المستعان
*باحث إعلامي.
مركز الملك سلمان للإغاثة يطلق برنامج “أمل” التطوعي السعودي للأشقاء في سوريا ..... المزيد
بتوجيهات الملك وولي العهد..وصول التوأم الملتصق السوري إلى الرياض تمهيداً لفصلهما ..... المزيد
جمعية وسم تنظم لقاءً توعويًا للممارسين الصحيين حول مرض التصلب المتعدد ..... المزيد
تحت رعاية الملك سلمان..هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج أكثر من 13 ألف في البورد السعودي والأكاديمية الصحية لعام2024 ..... المزيد
بأمر الملك سلمان..تحويل مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون إلى مؤسسة غير ربحية ..... المزيد
استراتيجية القيادة الإدارية لتحقيق أهداف رؤية ٢٠٣٠
حصة عوض المالكيفهم ما يجري في المنطقة من اضطرابات
صدقة يحيى فاضلمجتمعنا بحاجة لمؤسسة تعزيز الصحة
الدكتور عبدالرحمن القحطانيأمانة جدة تعزز تمكين الأسر المنتجة عبر كرنفال الطهي ..... المزيد
أمانة جدة تعزز الأعمال الجيومكانية عبر ورشة عمل عن البوابة الجيومكانية ..... المزيد
أمانة جدة تضبط أكثر من 25 طنًا من المواد الغذائية المخالفة ومنتهية الصلاحية ..... المزيد
أمانة جدة تشرع في إشعار أصحاب المباني الآيلة للسقوط بحي الفاروق ..... المزيد
مدارس العلوم الشرعية بالمدينة المنورة ومعاهد ومدارس الحصان الأهلية توقعان اتفاقية تعاون تشغيلية ..... المزيد
شاركنا بتعليق
لا يوجد تعليقات بعد