(حق المرأة فى الدعاية الانتخابية)د.حماده عبد الرازق

الدكتور حماده عبدالرازق

تتقدم  المملكة  العربية السعودية    بخطى متسارعة  نحو    تحقيق  الديمقراطية  ,   ولعل  ذلك كان  واضحا  وجليا  عندما  سمحت المملكة  للنساء   بالتقدم  للترشيح  فى  الانتخابات  البلدية  المزمع   إجراؤها  في شهر ديسمبر من عام 2015 و التي   تعد ثالث انتخابات بلدية عامة في تاريخ السعودية بعد انتخابات 2005 و 2011 ,  كما   تعد الانتخابات الأولى في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ، و تشارك فيها للمرة الأولى المرأة كناخبة ومرشحة     حتى  بلغ  عدد المرشحات  366  مرشحة  

و يتم  انتخاب  ثلثي  اعضاء   المجلس  البلدي  طبقا لنظام  المجالس  البلدية السعودي  الجديد  أما  الثلث  الأخر  فيتم  تعينه  من  قبل  الملك  ,  بعد أن  كان  النظام  القديم  لا يسمح  سوى  بانتخاب  نصف  الأعضاء  فقط  و تعيين  النصف الأخر   ,    وقد  حدد  هذا  النظام شروط  الناخب  فنص على حق أي مواطن أو مواطنة من المدنيين سجل قيده الانتخابي المشاركة في انتخابات المجالس البلدية السعودية متى  بلغ  سنه   18 سنة هجرية فما فوق اما  المرشح  لعضوية  المجالس البلدية  فاشترط  المنظم  الا  يقل  سنه  عن   سنه 25 سنة هجرية
والواضح  ان  نظام  المجالس  البلدية   قد  اعطى  المرأة  حقها  الكامل  سواء  فى الانتخاب  او  الترشيح لعضوية  المجالس  المحلية  ,  ولم  يفرق  بينها  وبين  الرجل  بأي  حال  من  الأحوال  ,  وينصرف   ذلك  الى  حقها  فى  الدعاية الانتخابية بالتبعية   فلا  توجد  طرق  بعينها  فى  الدعاية الانتخابية   مقصورة على  الرجال من   دون  النساء  ,  بل   ان المساواة واضحة  وجلية  بين  الرجل  والمرأة  بدون  تمييز  
وتعد  ارادة  المنظم  هى  الإرادة  العليا  التي  لا  يحق  للغير  أي  كانت  سلطته  ان  يخالفها    ,   فإذا  ما  طالعتنا  الصحف   أن  اللجنة العليا للانتخابات البلدية  قد  فرضت  على   النساء المرشحات عدم مخالطة الناخبين٬ ومخاطبتهم مباشرة,  قررت  فرض  غرامة  قدرها   10 آلاف ريال للمرشحة التي  تخالف  ذلك حيث    قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات أنه على المرشحات تكليف وكلاء عنهن للقيام بمهمة مخاطبة الناخبين٬ والدخول لأقسام الرجال بالمقرات المختلفة للانتخابات٬ كما يمنع نشر صورهن في إعلاناتهن الانتخابية  .
و ما  فعلته  اللجنة  العليا للانتخابات    يعد  اعتداء  على  ارادة  المنظم  وتقييد  لحق  المرأة  فى  الدعاية  الانتخابية بنفسها  مثلها  مثل  الرجل  تماما   , فالدور  الذى  عهد  به  المنظم  لعضو  المجلس البلدي   فى  الحياة  العامة  دور    عظيم  وخطير ,  و وعظم  هذا  الدور  يجعل   هناك  التزاما على  المرشح   بمخاطبة  الناخبين  بنفسه  وتوضيح  برنامجه  الانتخابي   لهم  لا  تكليف  غيره  للتحدث  باسمه  
نحن   نثمن  غرض اللجنة العليا للانتخابات  فى    محاولة  الحفاظ  على  تقاليد  وعادات المجتمع  السعودي  والذى  تأبى  الاختلاط  بين  الرجال  والنساء  ,  غير أن  الأمر  من  بدايته  كان  فى  يد  المنظم  ,   ولو  اراد  تقييد  حق  المرأة  فى  الدعاية   لفعل  ,فإن  هو  لم  يفعل  فلا  يحق  لأى  جهة  اخرى  ان  تضع  قيدا  لم يضعه  المنظم  
فإذا كانت الدولة  سمحت  للنساء  بالحج  دون  محرم  طالما  كانت  هناك  عصبة  مأمونة   ,    فلابد من  وجود  طرق  بديلة  تضمن  عدم  اختلاط  المرشحات بالرجال  وعليه و  تكفل فى ذات الوقت لهن عدم  خدش  حيائهن  او  المساس  بكرامتهن  , وكان الأولى  على  اللجنة  العليا  ان  تبحث  عن  تلك  الطرق  بدلا  من  ان  تفرض  عقوبات لم  ينص  عليها  النظام  
  فإذا  ما  كانت  اللجنة  العليا  للانتخابات تفرض عقوبة على  المرشحة  عند  اختلاطها    بالرجال   أثناء  فترة  الدعاية  الانتخابية  فماذا ستفعل  تلك  اللجنة  بعد  نجاح  المرأة  وجلوسها  جنبا  الى جنب مع الرجال  تحت  سقف  واحد  فى  المجلس  البلدي  ؟!! هذا  سؤال  يحتاج  الى   اجابة.

* استاذ مساعد بجامعه القصيم.