(ارتزاق) مسفر الشمراني

الأثنين 26 أكتوبر 2015م - 10:27:18 ص

مسفر الشمراني

كفنٍ من الفنون العالقة في وجدان الإنسانية التي يشاهدها القاصي والداني ويرويها الجد لحفيده، أرادوها رواية استثنائية لا تُمحى من ذاكرة الزمن ، لا يلتقي فيها الْمُتَحَابُّون تحت سقفٍ واحد، ولا يجتمعون فوق أي أرض ولا تحت أي سماء، لا يموت أبطال الرواية فيها ولا يعيشون ، أرادوها طلاق لعان وعلاقة عدائية لا تفضي الى حل حتى لا يخبوا ضوؤهم، ولا يذهب بريقهم ولا يسدل الستار إيذاناً بنهاية مسرحية الكوميديا الرخيصة التي مارسها أرباب الصحافة الصفراء فينتهي بنهايتها مصدر ارتزاقهم الوحيد، وتكففهم فتات المانحين استأجرهم من لا يملك ليعطيهم مالا يستحقونه ،بالبلوى يتدثرون وبالتزلف يعرفون، وإن علت هامتهم وشخصت أبصارهم، فهم للأُلفة ووحدة الصف كارهون وبالسفة متأبطون، شحذوا أسلحت أقلامهم وأطلقوا لها العنان عندما أختلف الأشقاء ،فكانوا هم حُمَام الُبرحاء ،وكلهم رجاء أن لا تلوح في الأفق أي بادرة من بوادر المصالحة، ناهيك عن تصافح الأكف وتبادل الزيارات والتقاء أخوة الدين أولا، ثم الدم والمصير المشترك بين أركان البيت الواحد الذي رغب أولئك في أن يصبح أثرا بعد عين ،وكان أملهم على الأقل أن يهدم ركنٌ من أركان ذلك البيت العامر وكادوا بتصرفاتهم الهوجاء وكتاباتهم الرعناء أن يساهموا في دَق المسمار الأول في نعش ذلك الجسد الطيب الذي ما أن اختلف أبناؤه كما هي عادة الأصفياء وأَلَمَّ بذلك البدن المرض الذي يصيب الأنقياء حتى تقمصوا دور أم عامر التي تتحين فرصة كبوتة للإنقاض عليه وتمزيقه إرباً وأكله وهو ما يزال حياً، أما وقد تم ما كان لا يتوقعه ولا يرجوه أكثر المتشائمين منهم، ها هم الآن بعد أن قضى مدادهم نحبه استسلموا لجيش العقل، وأصبحوا أسرى حروفهم السالفة، حتى أخذ بعضهم يحاول مواراة عورة خطيئته، وبعضهم الآخر التزم الصمت كأن على رأسه الطير فقد أصبحوا جميعا هم أكبر الخاسرين مع كل ما ابتدعوه.