عناوين الأخبار

سارا المحمد تكتب :أهلنا في سورية يخرجون من موت إلى موت

الجمعة 4 سبتمبر 2015م       -       02:05:34 ص
سارا المحمد تكتب :أهلنا في سورية يخرجون من موت إلى موت

الباحثون عن الحياة 

سارا خلف المحمد 

" نزفَ البكاءُ دموع عينك فاستَعر عيناً لغيركَ دمعُها مدرارُ من ذا يعيرُك عينَه تبكي بها

أرأيتَ عينًا للبكاءِ تُعارُ !؟"

ابحث بين نشرات الأخبار عن خبر عربي  مفرح، عن شيء غير قوارب الموت و شاحنات الموت، غير براميل الموت، وقصص الموت العربية التي تتقدم النشرات . 

لا زلنا نجهل إن كنا نعيش مرحلة إنحطاط أم إعادة هيكلة لأنظمة ودوّل كانت على حافة الأنهيار، عواصم الديكتاتوريات العربية التي تغنت وتشدقت بالديمقراطية والقومية والحريّة سرعان ما أنهارت أمام أول كلمة حرية . 

الدول التي أرهقت تاريخنا بالبعث والمقاومة والممانعة وأقنعة الديمقراطية، إنهارت بعد إزاحة قناع الديمقراطية الكاذب الذي أرتدته على مر عصور الحكم الفاجر. لا زال اهلنا في سوريا يرفعون الأنقاض عن قتلاهم، يخرجون من موت إلى موت، لا زال الموت يلاحقهم في البر والبحر، ولا زالت ضمائرنا تحت الأنقاض . 

خسائرنا تحتاج إلى سنين لأحصاءها، إنه عصر الكوارث العربي، عصر الخيام العربية، منذ سنوات ونحن نهجر من أوطاننا بحثاً عن الحياة . نَفَر من موت مؤكد إلى موت محتمل على أمل النجاة . 

كم مرة نركب البحر هرباً من الموت الذي يسكن ديارنا فنتفاجئ إننا والموت مسافرين على ذات القارب ؟ 

 كم من الخيام نحتاج ؟ إذا كانت  خيامنا بحجم خيبتنا، بحجم تخاذلنا. و أوجاعنا بكبر المساحة التي خصصت للفارين من الموت . يالا زمن الإنحطاط الموجع، ضاقت الأرض بخيامنا والبحار بجثث أبنائنا، حتى اسماك القرش شبعت من تخاذلنا اصابتها تخمة عربية .

تخاذل العرب ولا مبالاتهم بمصائب بعضهم حول نصف سكان عالمنا العربي إلى سكان مخيمات . عدم التعامل مع القضايا الجوهرية بجدية وحزم أضعف كيان هذه الأمة وبانت سوءة التضامن العربي وعورة الجامعة العربية .

 جثث السوريون داخل ثلاجة الموت وعلى شواطىء المتوسط  و خيامهم المنتشرة في كافة الأقطار العربية ما هي  إلا بصمة عار في جبين الأنظمة العربية . 

 منذ عدة أيام وحناجرنا ممتلئة  بالملح والصدأ، مقتل سبعين مهاجراً إختناقاً في شاحنة يشعرنا كم  هي رخيصة ارواحنا، لم يجف طعم الملح في حناجرنا، إلا وداهمنا المتوسط الذي لم يتوقف عن أبتلاع الألاف من الضحايا الذين هربوا من الموت في ديارهم إلى الموت على شواطىء أوربا بحثاً عن الحياة .  

منذ سنوات وأنا أجرب الموت غرقاً، حرقاً، إختناقاً وتحت أنقاض المنازل المدمرة، مرة أموت في المخيمات العربية في الصيف حراً يقتلني، وفي الشتاء أموت برداً . أموت في شوارع العواصم العربية جوعاً و في سفن الهجرة الغير شرعية ابتلعتني اسماك القرش في كل قارب من قوارب الموت، اصرخ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .  قتلتني براميل بشار، واختنقت بكيماوي الغوطة، قتلتني طائفية المالكي والعبادي في العراق، دفنت في صنعاء واختنقت في بيروت، ثم مت للمرة المليون تحت زيف الأنظمة العربية وصمت الجامعة العربية . عندما قررت الهجرة إلى أوربا بلد الحريات والحياة مت إختناقاً في ثلاجة للحوم، أنا العربي الذي اصبح ثمني أرخص من ثمن دجاجة آنا العربي الذي مات بألف طريقة، ولم تتحرك لأجلي لا منظمات حقوق الحيوان ولا الإنسان  .  

القضية ليست قضية مهاجرين غير شرعيين ابتلعتهم البحار، ولا تخص السوريون وحدهم، القضية تمس إنسانيتنا، فتلك القافلة البشرية ممن ابتلعتهم المحيطات وشواطىء أوربا وتجاوز عددهم الألاف خلال عام واحد ما كانوا سيخوضون مغامرة الموت لولا تخاذلنا معهم، لو وجد الطفل الغريق بيت يأويه في هذا الوطن العربي لما وجدناه جثة هامدة على شواطئ المتوسط . 

قوارب الموت وشاحنات الموت ومخيمات البؤس تذكرنا بالذل الكبير الذي وصلت إلية أمتنا، عدد المخيمات والتضييق على من أجبرتهم الحروب الطاحنة على ترك ديارهم واللجوء إلى دول الجوار رغم معرفتهم بما ينتظرهم من ذل وإهانة يذكرنا بنشيد الطفولة "بلاد العرب أوطاني ". ولا نملك إلا التحسر على تلك الأيام .   

قافلة مئات الألاف من المتسولين السوريين في شوارع عمان وبيروت ومصر، والحياة البائسة والتضييق عليهم ومعاملتهم بدونية، فهذا يطالبهم بتأشيرة وتذاكر سفر ذهاباً وأياباً وذاك يطالبهم بحجز بفندق وزيارة وكفيل ومعيل وقائمة تطول كي يدخلو حدود الوطن العربي الكبير. 

الظروف القاسية التي يعيشها إخواننا المهجرين في شوارع العواصم العربية، ليست إلا صورة لمستقبل الأمة الواحدة . صورة لحجم تخاذل هذه الأمة . كشفت الثورات تخاذل معظم العرب مع بعظهم، كشفت كذبة التضامن والشهامة العربية . 

فلندع كل شيء ولنبحث عن الحلول لأنقاذ ما يمكن إنقاذه من تاريخ هذه الأمة، المهددة بالسقوط تاريخياً وجغرافياً، الثورة ليست في سوريا والعراق واليمن، بل في كل قطر عربي وصلت إلية يد الغدر الإيرانية، الإحتلال الإيراني ينتشر كسرطاناً في أوطاننا الممزقة، ويزاد إنتشاراً وخطورة كلما تأخرنا بالعلاج  وإستئصال هذا الورم الإيراني الخبيث، من دمشق وبغداد يجب أن يبدأ العلاج والتطهير . للأسف لا زال الكثير من العرب غير مدرك حجم هذه الكارثة . منذ أعوام ونحن نقدم الضحايا والدمار لأعدائنا على أطباق من ذهب . 

نتبادل التهم والتخوين، كل من يختلف معنا، فكرياً خائن ،عميل ،إرهابي ،متصهين ، لدينا مصطلحات كافية من التهم تناسب الجميع . 

تركنا الواقع المر المؤلم الذي يعيشه عالمنا وذهبنا نتحارب فكرياً وجسدياً . نسينا إننا نعيش حرب إبادة ومآساتنا العربية تفوق كل المآسي التي مرت بها هذه الأمة . 

كل عواصمنا التاريخية تنزف من دمشق إلى بغداد فصنعاء … ولا زلنا على شفة إنهيار عربي شامل . 

الجهود العربية المبذولة للخروج من مستنقع الموت غير كافيه ، نحتاج للمزيد من الجهد المزيد من الدبلوماسية والتخطيط . 

علينا أن ندرك أن ما يحدث في العواصم العربية التاريخية لا يخص بلد عربي وإن بدا الهدوء في العواصم الأخرى ، الحقيقة أننا نعيش دماراً عربياً ، نعيش حرب طائفية عنصرية عروقها ضاربة في عمق تاريخنا الإسلامي . 

من يعتقد إنه يعيش بمأمن عما يجري في دمشق وبغداد وصنعاء فهو يعيش حالة الطفل الذي يغمض عينيه معتقداً أن لا أحد يراه . 

إخواننا كانوا مثلنا أمنيين، كانوا يمتلكون الدور والقصور قبل أن يكونوا من سكان الخيام، كانوا يتغنون بالعروبة والقومية بل كانوا أكثرنا تمساً بالعروبة . لكنهم اليوم بلا مأوى . 

الخوف الفزع الذعر، وداع كل أشياء الحياة الآمنة التي ينعم بها البشر. الكهرباء، الهاتف، الماء، الهواء النقي ، الخبز كلها باتت رفاهية وترف في ديارهم . 

منذ سنوات والموت يسكن بيننا، يتجول في شوارعنا ، نسينا طقوس الفرح والحياة . 

منذ سنوات لم نقم بيت فرح واحد ، كل البيوت تبنى للعزاء . مقابرنا جماعية ومجازرنا يومية . 

نبكي أطلال العروبة في بغداد الرشيد ودمشق الأمويين . ماذا نستطيع أن نقول بعد كل هذه السنوات من الحروب والدمار سوى إننا أمة تُباد تاريخ يحترق دول يعاد تقسيمها  ؟ 

 

يمكنك الوصول للخبر بسهولة عن طريق الرابط المختصر التالي:
https://alssehafi.org/?p=3216

شاركنا بتعليق








لا يوجد تعليقات بعد



 انخفاض الدرن في المملكة إلى 22%..والعلاج يستمر 6 أشهر والتحصين الحل الامثل

انخفاض الدرن في المملكة إلى 22%..والعلاج يستمر 6 أشهر والتحصين الحل الامثل ..... المزيد

 الدكتور عسيري: توفر لقاحات لمنع وعلاج السرطان

الدكتور عسيري: توفر لقاحات لمنع وعلاج السرطان ..... المزيد

 “الصحة” :  120 دقيقة لنقل جثث الموتى للطب الشرعي

“الصحة” :  120 دقيقة لنقل جثث الموتى للطب الشرعي ..... المزيد

 وزير الصحة يفتتح ملتقى الصحة العالمي 2023 بمشاركة وزيري الاستثمار والصناعة

وزير الصحة يفتتح ملتقى الصحة العالمي 2023 بمشاركة وزيري الاستثمار والصناعة ..... المزيد

 بقيادة المستشار في الديوان الملكي الدكتور الربيعة..البدء في عملية فصل التوأم السيامي التنزاني حسن وحسين

بقيادة المستشار في الديوان الملكي الدكتور الربيعة..البدء في عملية فصل التوأم السيامي التنزاني حسن وحسين ..... المزيد

 خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يتبرعان بمبلغ ١٥٠ مليون ريال لجود الإسكان

خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يتبرعان بمبلغ ١٥٠ مليون ريال لجود الإسكان ..... المزيد

 خادم الحرمين الشريفين يتبرع للحملة الوطنية للعمل الخيري بمبلغ ٤٠ مليون ريال وولي العهد بمبلغ ٣٠ مليون ريال

خادم الحرمين الشريفين يتبرع للحملة الوطنية للعمل الخيري بمبلغ ٤٠ مليون ريال وولي العهد بمبلغ ٣٠ مليون ريال ..... المزيد

 مركز الملك سلمان الجهة الوحيدة التي تتسلم أي تبرعات إغاثية أو خيرية أو إنسانية

مركز الملك سلمان الجهة الوحيدة التي تتسلم أي تبرعات إغاثية أو خيرية أو إنسانية ..... المزيد

 الأخصائية الاجتماعية أثير بنت فهد لـ”الصحافي”: زيادة الوعي وتعزيز التسامح وفرض العقوبات للحد من ظاهرة التنمر

الأخصائية الاجتماعية أثير بنت فهد لـ”الصحافي”: زيادة الوعي وتعزيز التسامح وفرض العقوبات للحد من ظاهرة التنمر ..... المزيد

 تحت رعاية ولي العهد..أمير منطقة الرياض يكرّم المحسنين عبر المنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان)

تحت رعاية ولي العهد..أمير منطقة الرياض يكرّم المحسنين عبر المنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان) ..... المزيد

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com