عناوين الأخبار

السعودية..تألق وريادة على خطى المؤسس الأول

الخميس 8 رمضان 1439هـ 24-5-2018م       -       14:21:08 م
السعودية..تألق وريادة على خطى المؤسس الأول

*الدكتور أحمد محمود عيساوي

عيني وقلبي وروحي وضميري وكل خلية من خلاياي الحية مشدودة على ما يحدث في المملكة العربية السعودية اليوم من خطوات تاريخية وحضارية قرنية عملاقة، والتي ستقرر وسترسم –بلا شك- حاضر ومستقبل ومصير شبه الجزيرة العربية كلها ودول مجلس التعاون الخليجي، بل وستقرر من ورائها وستحدد وستوجه موقع ومكانة ومصير ودور العالمين العربي والإسلامي في قرن العولمة والغلبة، قرن القوى الاقتصادية والتكنولوجية والإلكترونية المهيمنة. وهي –برأيي- قرارات ومعالم تنموية ونهضوية وحضارية غير مسبوقة في تاريخ المملكة منذ نشأتها وتأسيسها قبل ثلاثة قرون 1745م 1157هـ 1439-2017م على يد الإمام محمد بن سعود  بالتعاون مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب 1115-1206هـ 1703-1792م، ومنذ إعادة بعثها وإحيائها كدولة حديثة قبل قرن مضى 1917م، حينما انطلق ذلك الأسد الهمام الراحل المغفور له الملك (عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ت 1953م) يُرسي دعائم وأسس ومؤسسات الدولة السعودية الحديثة بعزيمة فولاذية وبشجاعة نادرة وغير مسبوقة منذ قرون في تاريخ العرب والمسلمين، موحدا وجامعا ومؤلفا عرى شتات القبائل العربية المتناحرة.

* مبررات المحبة:

وإذا كان نصيبي من الحب والاحترام والحمية لبلدي وموطني الجزائر، الذي ولدت وترعرعت ونشأت وتربيت وتعلمت وكبرت فيه.. نصيبا واحدا، فإن حبي واحترامي وحميتي وحدبي وشوقي.. على شبه الجزيرة العربية عموما وعلى المملكة العربية السعودية خاصة يفوقه بثلاثة أنصبة مضاعفة، وذلك لأنها معدني وأصلي الأول الذي انحدرتْ منه القبائل العربية التي استوطنت الشمال الإفريقي منذ الفتح الإسلامي الأول ومع هجرات القبائل الهلالية في مطالع القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي، ولأنها بلد من بلاد العرب والمسلمين نحبه ونتمنى له الخير كما نحب بلدنا الجزائر ونتمنى له الخير والطمأنينة والسلام والرخاء، وفوق كل هذا وذاك فإنها مهبط الوحي ومعدن الرسالات وعلى أرضها الطاهرة جرت وقائع وحوادث تاريخ الإسلام، هذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده واختار له تلك الديار وتلك القبائل وتلك العادات والتقاليد والأخلاق لتكون معالم البناء الحضاري للعالم دون سواها من أرضه وعباده التي براها.. وهي بلد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين..

نحبها ونخاف عليها أكثر من أنفسنا، لأنها هي دعوة أبينا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في أصلاب أبنائه إلى يوم الناس هذا، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، حينما أسكن ذريته بواد غير ذي زرع عند بيته المحرم، ودعا ربه لتلك الذرية بالخير قائلا: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 129).

نحبها ونتمنى لها الخير والطمأنينة والرخاء والسلام والريادة وزعامة وقيادة العرب والمسلمين.. لأنها هي صلب دعوة محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين جميعا حينما رجى ربه في غزوة أحد ألا يعذبهم فقال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الأنفال: 33).

لكل هذا وذاك فنحن ملايين العرب والمسلمين الأوفياء الصادقين، بل المليار ونصف الميار من العرب والمسلمين ومن مختلف الأمم والشعوب والأعراق والأنساب والأنسال والألوان والأشكال والمناطق.. ومن كل فئات المجتمع صنوف وصفوف خلفية مرصوصة، وجنود متآلفون ومجندون للذّبِ عن تلك الديار بكل غالٍ ورخيص.. أمام سيول الكيد والتآمر المذهبي والفِرَقي والتعصبي الداخلي والخارجي. لأننا ندرك ونستجيب تلقائيا لنداء الفطرة الحي في ضمائرنا المسلمة، ولا نحتاج لغير نداء الفطرة الساكن في أعماقنا المؤمنة.

* دلالات التحول:

إن الصرخات النهضوية والتنموية الشاملة التي ينادي بها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود لها الكثير من الدلالات، والكثير من القراءات، فحيثما وجهت زاوية اهتمامك ورؤيتك ونظرك وتصورك.. إلاّ ورأيتها تُشع بدلالات الخير والنهضة والتجديد.

إنها بالقراءة الاقتصادية والمالية والسوقية تعني الريادة والتفوق في عالم المال والأعمال والإنتاج والاكتفاء والتعاون العربي الإسلامي الداخلي، والانفتاح على القوى الاقتصادية العالمية المتفوقة واستدراجها للانخراط في المشروع النهضوي الاقتصادي، الذي سيعود على الأمة المسلمة بالرخاء والنماء.

وبالقراءة الفكرية والعلمية والمعرفية تعني فك الإسار الذي رهن العقل المسلم وحجره لقرون طويلة، وأصابه بالعطالة والركود عن اللحاق بالركب العلمي والمعرفي والفكري العالمي، الذي بلغ مستويات غير قابلة للحاق به، إلاّ بتحريره ووضعه في مساره الطبيعي والشرعي الذي خلقه الله من أجله، وبذل في سبيل التعريف بمكانته وقدره أكثر من ألف وسبعمائة آية قرآنية من لدنه سبحانه وتعالى.

وبالقراءة الحضارية تعني رفع القيود والأغلال التي يرسف فيها الفرد والمجتمع المسلم بتبعيته لعالم الأموات والراحلين، فالخشية كل الخشية على الفرد والأمة والعقل والروح والضمير الارتهان بفهومات واجتهادات الأقدمين، فعدا الوحيين المقدسين (الكتاب والسنة)، وعدا ما تركه وقدمه (جيل الخيرية والأفضلية من القرون الهجرية الأربعة الأولى)، باقي التراث وكل ما جاء من بعدهم يجب أن يُستأنس ويُسترشد ويُهتدى به فقط بعد الغربلة والتنقية والسبك الحضاري، وعلى سبيل تحريك العقل المسلم ليمارس النشاط الذهني في التعامل مع الوحي والتراث الأفضل من القرون الهجرية الأربعة الأولى، كما مارسه وتفاعل معه في القرون الهجرية الأولى، وما لحقها من تفاعلاتها واجتهادات جيل المحققين والمدققين والمغربلين من خيرة علماء الأمة.

 وبالقراءة الاجتماعية فهذا يعني إعادة نصف المجتمع المُعطل ليمارس مهامه الشرعية والحضارية التي ناطه الله بها، كما قامت به أمهات المؤمنين وسائر الصحابيات والتابعيات والمجاهدات والفاضلات إلى يوم الناس هذا. فالمجتمع الذي يُعطل نصف قوته وطاقته هو مجتمع محكوم عليه بالتخلف والتأخر، ومهما أُوتي من طاقة وقوة وثروة فلن يستطيع الفكاك من إسار التخلف، فقد كانت الصحابيات الجليلات وأمهات المؤمنين يتدخلن في أدق شؤون الجماعة المسلمة، فهذه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها تتدخل في صلح الحديبية ويفتح الله على يديها بالنصح والإرشاد فيقتدي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يخبرها قائلا: (لقد عصاني المسلمون) فتقول له: ( اخرج يا رسول وتحلل واذبح هديك وسيتبعك المسلمون)، فيخرج ويصنع ويتبعه المسلمون.. وكذلك صنيع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأم سليم حرام بنت ملحان، وغيرهن الكثير.. فالمجتمع لا ينهض بالرجل فقط، بل له ساقان يسير بهما، ومن عطل إحدى ساقيه بقي في مكانه.

وكلما عددنا القراءة وزاوية التحليل والنظر اكتشفنا الكثير مما له علاقة وطيدة برفعة ونهضة الأمة المسلمة، فبالقراءة النفسية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والسلوكية والمنهجية والتاريخية والنهضوية.. تتعدد الثمار والنتائج المفيدة.

* استعادة بوصلة الوعي:

 وأحب في صلب هذه القراءة المتواضعة لتطلعات وآفاق مستقبل مشروع القرن 2030م التي صدح بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود حماه الله وأيده، أن أقف عند محطة تاريخية حضارية لم يتفطن إليها الكثير من الكتاب والمؤرخين والباحثين الاستراتيجيين حول مشروع تكوين الدولة السعودية في طورها الثالث على عهد المغفور له الراحل (عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود) سنة 1925م، إلى أن الخطوات التاريخية والشجاعة والعملاقة التي قام بها الجد المؤسس سنوات 1917-1925م لتأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة، هي –برأيي- خطوات حضارية غير مسبوقة منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة وبالضبط منذ مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 35هـ  الذي قال لقاتليه يومها: ((.. والله بقتلي لن تقوم لكم قائمة بعد اليوم))، وبالفعل فقد انتقلت عاصمة الخلافة في عهد الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الكوفة سنة 36هـ 40هـ، وفي عهد ابنه الحسن رضي الله عنه إلى الكوفة سنة 41هـ، ونقلها الأمويون سنة 41هـ إلى دمشق وظلت عاصمة الخلافة إلى سنة 132هـ، ونقلها العباسيون إلى الكوفة سنة 132هـ إلى سنة 148هـ ثم إلى بغداد من سنة 148هـ إلى سنة 656هـ، فيما كانت عاصمة الفاطميين العبيدين والأيوبيين والمماليك القاهرة إلى سنة 1517م 923هـ، وظلت بلاد الحجاز وشبه الجزيرة العربية من سنة 36هـ إلى سنة 1337هـ على هامش الحياة السياسية والحضارية مهملة ومُغيبة عن صنع محورية التاريخ الإسلامي، إلى غاية إعلان قيام المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الراحل، الذي أعاد لها مركزيتها ومحوريتها في قيادة العرب والمسلمين 1337هـ 1925م.

وثمة نقطة استراتيجية ومحورية أخرى في حقيقة إصلاحات ومشروع القرن المستقبلي 2030م الذي صدح به سمو ولي العهد لم يتفطن إليها الكثير من الاستراتيجيين، ومفادها أن عمر الدول واستمرارها وبقائها مرهون بتجديد المشاريع الحضارية فيها كل عقد أو عقدين من الزمن، فهذه الولايات المتحدة الأمريكية –على سبيل المثال، وكغيرها من الدول الناهضة ألمانيا فرنسا بريطانيا..-تُحرك قواها الداخلية عبر تحفيز مواطن القوة فيها بصناعة حدث مهم كل عقد من الزمن، فها هي تشارك في الحرب العالمية الأولى وتُعدل كفة الحلفاء على دول المحور، وينزل رئيسها ويلسون بمبادئه الأربعة عشر التحريرية، وفي سنة 1929م تحدث الأزمة المالية العالمية، وفي سنة 1942م تستدرج اليابانيين للاعتداء على كبريائها في ميناء (بير هاربر)، وفي سنة 1952م تُشعل الحرب في شبه الجزيرة الكورية، وفي سنة 1962م تناوش الروس حول الصواريخ في كوبا، وفي سنة 1972م تشهد أحداث (ووتر غيت)، وفي سنة 1982م تتعرض سفارتها وكبرياؤها وجنودها لتفجير مقر السفارة ببيروت، وفي سنة 1989م تفكك جدار برلين والاتحاد السوفياتي داخليا وتقوض النظام الشيوعي، وفي سنة 2001م نشاهد انفجار مبنى التجارة العالمي وتبعاته وتداعياته..، وفي سنة 2009م الأزمة المالية العالمية، وهكذا الأحداث في كل عقد.. بهدف استنفار الكريات البيضاء في الدم الأمريكي للدفاع عن قيم الحضارة الأمريكية، وإلاّ بحسب قراءة صقور الأمن القومي ستتعرض الحضارة الأمريكية إلى الترهل والتفكك ومن ثمة الانهيار البطيء.

فمشروع 2030م هو صمام أمان لتحريك همة وطموح قوى الخير في المملكة العربية السعودية، ونهضة ستقود خلفها كل قوة النهوض في العالمين العربي والإسلامي، وهي عملية تجديد الدماء في الجسد العربي والإسلامي المنهك..

ولا غرابة أن تكون صرخة ولي العهد القرنية سنة 2017م 1438هـ متزامنة مع حركة جده المؤسس الراحل سنة 1337هـ 1925م، التي ستجدد دماء المملكة، وستبث في عروقها الحياة، وستسري فيها النضارة والشباب، وهي حاجة طبيعية وضرورة حياتية لقوة واستمرارية الدولة السعودية الحديثة والمعاصرة، التي يجب أن تلقى من إخوانها العرب والمسلمين كل تفهم وعطف واحترام وتأييد ودعم، فنجاح المشروع هو نجاح لكل العرب والمسلمين في قرن القوى الاقتصادية العالمية المهيمنة، فهل من مدكر؟

*كاتب جزائري

يمكنك الوصول للخبر بسهولة عن طريق الرابط المختصر التالي:
https://alssehafi.org/?p=21057

شاركنا بتعليق








لا يوجد تعليقات بعد



 تحت رعاية الملك سلمان..هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج أكثر من 13 ألف في البورد السعودي والأكاديمية الصحية لعام2024

تحت رعاية الملك سلمان..هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج أكثر من 13 ألف في البورد السعودي والأكاديمية الصحية لعام2024 ..... المزيد

 بأمر الملك سلمان..تحويل مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون إلى مؤسسة غير ربحية

بأمر الملك سلمان..تحويل مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون إلى مؤسسة غير ربحية ..... المزيد

 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة ..... المزيد

 المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات

المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات ..... المزيد

 ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم

ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم ..... المزيد

 البريد السعودي | سبل يحصد جائزة “أفضل خدمة رقمية”

البريد السعودي | سبل يحصد جائزة “أفضل خدمة رقمية” ..... المزيد

 مشاركة فريق”بيئي التطوعي” بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان

مشاركة فريق”بيئي التطوعي” بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ..... المزيد

 بين البريد السعودي |سبل والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في الاستدامة البيئية

بين البريد السعودي |سبل والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في الاستدامة البيئية ..... المزيد

 أمانة جدة تضبط مصنعًا غير نظامي وتصادر أكثر من 18 طنًا من المنتجات التبغية المخالفة

أمانة جدة تضبط مصنعًا غير نظامي وتصادر أكثر من 18 طنًا من المنتجات التبغية المخالفة ..... المزيد

 أمانة جدة تداهم مواقع مخالفة وتضبط أكثر من 1.3طن من اللحوم والمواد الغذائية

أمانة جدة تداهم مواقع مخالفة وتضبط أكثر من 1.3طن من اللحوم والمواد الغذائية ..... المزيد

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com