لم تكن الحملات المغرضة والموجهة بالتحديد صوب أشرف وأجلّ مهنة على وجه البسيطة، والتي يحمل لواؤها (المعلمين والمعلمات) وليدة اليوم!
بل نجد نعيقاً ونهيقاً-أكرمكم الله- بين الفينة والأخرى، ويشتد ارتفاع تلك الأصوات أثناء تمتع (المعلمين والمعلمات) بإجازاتهم الرسمية التي كفلتها لهم "الحكومة" أيدها بقرار وزاري يصدر من أعلى سلطة في البلد.
خلال الأيام المنصرمة، قرأنا وسمعنا، من يتهم المعلمين والمعلمات، بالخيانة والسرقة(بطريقة أو بأخرى)، وآخر يتهمهم "بالإدمان"!!!
والأغرب من ذلك أن هذين الشخصين أطلقا عبارتهما كلٌ على حدة، بعد أن وجدوا من يسمح لهم بالكذب والافتراء على "ورثة الأنبياء" حين وصف وزير التعليم منسوبي وزارته من المعلمين والمعلمات:(بالشكائين والبكائين)!!!
لن نخوض في ما قاله معاليه، ولكن أن يأتي من يتهم أصحاب مهنة التعليم بأوصاف يقدح فيهم ويفتري بها عليهم، فهذا أمر غير مقبول، وأرجو ألا يمر مرور الكرام.
ألا يعلم من يحرض على المعلم والمعلمة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم في حق صاحب مهنة التعليم، والشرف العظيم الذي يناله في كل يوم يعلم فيه:(وإنّ العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، وإنّ الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر). كما جاء في سنن أبي داوود.
ألا يعلم من يحسد هذا المعلم أنه كان ذو مكانة مرموقة تتمثل في حسن إكرامه ومعاملته من قبل الحكام والسلاطين؟ لما يقومون به من دور عظيم، وعمل جليل.
ثم أين من يسعى إلى إيذاء المعلمين والمعلمات، مما يعانونه من غربة لكثير منهم، وبعدهم عن أهاليهم وأحبتهم وديارهم، ومن عدم توفير وسائل الراحة لهم، كالمباني التي لا تناسب بيئة العمل، وتوفير المكيفات داخل القاعات والفصول، وإصلاحها وصيانتها، وتمهيد الطرق لبعض المدارس، خصوصاً مدارس البنات، ونقص في المواد والوسائل التعليمية، وغير ذلك كثير وكثير جداً؟!
المعلم الذي يكاد يكون وحيداً من بين جُلّ المهن الأخرى، يدفع من جيبه الخاص للمدرسة ولطلابه! ومع ذلك تجد الكثير منهم يدفع ويجعلها لله سبحانه وتعالى.
أعيد وأكرر أن السبب الرئيس في تجرؤ مثل هؤلاء هو الصمت المطبق من "الوزارة" وعدم الدفاع عن منسوبيها من جهة، وتصريح وزير التعليم الأخير الذي جانبه الصواب في ذلك، فتح لهم المجال بقول ما كان يحشرج بين أظلعهم، نكاية بالمعلم، وحسداً لراحته، وتمتعه بإجازته السنوية (المجبر) عليها في هذا التوقيت، وراتبه الذي أصبح لايضاهى به من بين رواتب الآخرين في بعض المهن الأخرى، التي عدلت في قوائمها المالية وتعدت كثيراً رواتب المعلمين، ومنحت منسوبيها رواتب يسيل معها اللعاب، فبارك الله لهم فيها.
لكل من يرغب في الكتابة عن المعلم والمعلمة، فعليه أن يستلم جدول لمدة أسبوع واحد في أي مدرسة يريد، بعدها ليكتب ما يشاء، وسأراهن على ذلك، بأنه سيكف تماماً عن ما كان يجول في خاطره، بل وسيشرح المعاناة التي قضاها في ظرف أسبوع واحد فقط!
سلطانيات:
أعجبتني عبارة تقول:(لن ترتقي أمة تستهزئ بالمعلم، مهما امتلكت من وسائل الحضارة، وتقدم التقنية).
شاركنا بتعليق
لا يوجد تعليقات بعد