رسالة جوال !

الأحد 26 مارس 2017م - 09:18:54 ص

بقلم: عبداللطيف بن هاجس الغامدي

جاءتني رسالة من جوالي تقول لي : الذاكرة امتلأت !
فشرعت بالتخفيف من محتوياتها بحذف محتوى الدردشة .. فذهلت مما رأيت!
عشرات المجموعات .. ممتلئة بأنواع شتى من المقاطع والرسائل والحكم والأحكام والطرائف والفرائد والشوارد والشواهد وغير ذلك مما هبَّ ودبَّ وَمِمَّا قلَّ منه أو كثر !
الحقيقية أني سئمت المحو وتشاغلت بفتح المقاطع المغلقة وقراءة الرسائل التي لم أفتحها قبل هذه اللحظة، وربما جاءتني من مدد متفاوتة … أسفي على من أحسن الظن بي واعتقد أنها كانت يوما تحت سمعي وبصري !
ومللت من الفتح والغلق والقراءة والتجاهل، ثم عدت أخرى لمحو المحتوى بعد أن تذكرت ذاكرة جوالي التي غدا متخما كالبطن السمين الذي ما عاد فيه مسلكا !
ووقفت مع نفسي لحظة … لو أن ذاكرة جوالي هي ديوان أعمالي التي قلتها وفعلتها، فكيف ألقى الله تعالى بها ؟!
أقوالي وأفعالي، حركاتي وسكناتي، عجري وبجري، قصدي وعمدي، هزلي وجدي، وكل ذلك عندي، مدونة في كتاب حوى الصغائر قبل الكبائر، فما جوابي عنها؟ وما حجتي عليها؟ يوم أن ألقى الله بها ؟!
يا لهف نفسي!
أذهلتني الدهشة حتى كدت ألقي بالجوال من يدي !
وتساءلت، وقلت: لو أن كل ما في ذاكرته كان حلالا زلالا ، لا كدر فيه ولا تأثيما، وكان السؤال عنها بين يدي من يعلم السر وأخفى، ألن أندم على المباح الذي أشغلني والحلال الكثير الذي أذهلني ؟!
ألن أقول لنفسي: أرضيت من زاد السفر أن يملأ الجراب بالتراب؟!
فكيف لو كان المحتوى حراما – خطأ وآثاما – ضمها جوالي بين جوانحه أو أرسلها لغيره فانتشرت انتشار النار في الهشيم وسارت بها الركبان إلى كل مكان؟!
فماجوابي ؟!
وأين كان – يوم أرسلتها – صوابي ؟!
ودعوني أتساءل: لو أن كل واحد فينا ألقى بحجر صغير في بيته الكبير بكل رسالة أرسلها – مما لا تنفعه عند الله – هل سنجد في بيوتنا موطىء قدم أو موضع منسم؟!
خذوها مني – على قلة فهمي وعلمي – إن السعيد الذي هداه مولاه لمحو محتوى صحائف عمره بالتوبة والأوبة، والرجوع والخضوع، والاستغفار والاكثار من الصالحات قبل أن يأتي الحساب وينشر ما في الكتاب!
جربوا .. محو المحتوى .. قبل أن تأتي رسالة الجوال: البطارية انتهت !