السعادة بالإرادة

سعاد سلامة المسعودي

حينما يكون الحديث عن السعادة ، يستحيل أن يخلو من ذكر الإرادة ، فكيف لمن فقد أمله بتحقيق أهدافه أن يسعد ! ؟

هي فتاة في عقدها الثاني تجلس في كراسي الانتظار ، في البداية كان يعلوها الفرح وتلون آمالها بأجمل الألوان ، وضعت مخططاتها التي ستنفذ عندما يحين دورها ، مضت الأيام ، و تلتها الشهور ، واستكملت من الأعوام مايفوق قدرتها على الانتظار  ، و مازالت تنتظر ذاك الدور أن يأتي ، أصابها الشحوب و فترت منها الهمم ، و مازالت تنتظر .. 

أتدرون من تنتظر؟  هي تترقب ترتيبها في قوائم المنتظرين للحصول على وظيفة وفق مؤهلها الجامعي ، لكن شاء الله و لم يأتي ،، خاب أملها وتعبت من الانتظار فنهضت ثم لملمت أشيائها ،، شهادتها الجامعية تلك التي اغتربت لأجلها ، تلك التي سهرت لأجل أن تجملها بمرتبة الشرف و تصبح من أوائل المتفوقين ، رتبتها وأحسنت طيها لخوفها من تلفها ،ثم في أعلى خزانتها خبأتها  ..  و خبأت معها طموحاتها وآمالها ، و راحت في دوامة الروتين القاتل ، باتت لا تفرق بين الأيام ولا تعرف ماذا تفعل سعت لتحسن مستواها التعليمي لكن لم تكن الظروف حليفا لها ، لأنها ببساطة تقطن في محافظة صغيرة لا تحتوي على مراكز تدريبية أو حتى فرع للجامعة لتستكمل الماجستير، سعت لأجل استكمال الدراسة لكن ماكانت تحلم به من تخصص لا يتوفر في منطقتها حتى! و يجب عليها أن تغترب مجدداً لاجله، سعت لكن دون جدوى، زادت شحوبا واستسلاما وباتت نظرتها للحياه تفقد بياضها، ومضت بها الأيام إلى أن ماتت آمالها، لم تعد تلك الحالمة المتفاءلة! 

أحبت العزلة، وكاد الاكتئاب أن يعلو ملامحها ، استمرت على ذلك الحال إلي أن شاء الله أن ترى ضوء خافت يلوح في الأفق، أيقنت حينها أن فرج الله قد أتى ممثلاً في هذا الضوء، استعادت قوتها شيئا فشيئا،وتجر خطواتها بعد أن ركنت للجلوس، وإذ بها تجد مصدره. 

اقتربت، وكلما اقتربت زاد توهجا، أيقنت حينها أن ذاك الضوء كان بالأساس داخلها، لكن كانت تحتاج لمنقذ ويد عون تساعدها في إشعاله ، تلك اليد كانت لشخص مؤمن بأن الجميع يحمل شعله لكن تلك الشعلة تحتاج للإرادة من أجل أن تتوهج ، ويؤمن بأن الجميع حينما يوحد تلك الارادة معا  تزداد تلك الشعلات توهجا وجمالا . 

بتلك الإرادة نستطيع أن نستكمل الطريق مهما كانت وجهتنا، فمن يرغب بالتعلم لابد من الإرادة، ومن يرغب بالعمل لابد من الإرادة ، ومن يرغب حتى في العلاج لابد أن يكون ذو إرادة ، بكل أمور الحياة بسيطها وعظيمها لا يحقق سوى بالإرادة.

أترغبون بمعرفة ماذا حدث مع تلك الفتاة، هي تسطر هذه الأحرف التي تقرؤنها الان ، هي تواصل طريقها لتحقيق حلمها ، والفضل في ذلك لله ثم لمن جعل الإرادة مبدأ للحياة وقاعدة متينة تنطلق منها في مسيرتها.

ذاك أنا، وذاك ماصنعته الإرادة في حياتي ..  وأنا متشوقة لأرى ما سنفعله عندما  تتوحد إرادة الأفراد في هذا المجتمع ككل ؟!  أؤمن بأنها ستصنع شيئاً لا يقهر و نقطة تحول لا تنسى. 

في ختام أسطري أشكر مبادرة (الإرادة السعودية ) على ما أحدثته من أثر جميل في حياتي  ،،، لكن قبل أن أغلق قلمي ياترى هل أنت أو أنتِ مازلتم في قوائم الانتظار؟!