طاحونة التنمية

مسفر الشمراني

لكل تغيرمدني مهما بلغت جودة ذلك التغييرسلبياته،التي قد تكون كارثية، إذا لم يراعي الإنسان سنن  الكون في عمارة الأرض، والتي ترتكز علي الاستفادة المبنية على توفير الإجتياجات، ودون الإضرار بالبيئة والكائنات.

ومع احتدام الصراع وشراسة التنافس وتداعي الأمم والمجتمعات،نحومدارج الحضارات، ومايرتبط بها من استخدام للطاقة التقليدية، يظهر جليا مدى الحاجة إلى التطوير الذي يراعي متطلبات الزمان وشروط المكان، اللازمة لبقاء الإنسانية، ووسطه الذي يعيش فيه بعيدا عن شبق الإنانية، التي يفاخر بها الانسان دون وعي أو إدراك،  لحجم الخطر المترتب على هدرالموارد الطبيعية، ومقدار الخراب الذي يسببه الإستغلال المفرط لتلك الموارد على البيئة بتأثيرات الآنية أوالمستقبلية، وهو على النقيض ممايعرف بالتنمية المستدامة والتي تعني الإستغلال الأمثل لموارد الأرض بالشكل الذي يمنع استنزاف الثروات، ولايؤثرعلى الحياة والموجودات، ويحقق المساوات والتفاعل الإيجابي معها والمكون المحيط بها.

بمعنى أن  يكون الاستغلال ضرورة لمواكبة  التطورالديموغرافي للأمم،ومحاولة التعويض بين مايتم استغاله من موارد، وبين ما يسد عجز المورد نفسه، بإيجاد مايمكن أن يعوض خطر ذلك النقص على الغطاء النباتي والمكون الحيوي، مثل زراعة الشجيرات على سبيل المثال  من نفس النوع  بدل الاشجار التي يتم قطعها كما في التجربة الصينية والا ندونيسية.

ويشمل الاستغلال الجيد للبيئة أيضا، إستحداث بدائل جديدة للطاقة النظيفة، والتي تسمى بالمتجددة مثل الطاقة الشمسية في المانيا التي تنتج 50%من الكهرباء منها، وطاقة الرياح والمياه.

وتساهم تلك البدائل  في التقليل من الانبعاثات الكربونية التي صنعت الغازات الدفيئة المسببت لما يعرفبظاهرةالاحتباس الحراري، والإعتماد على الوقود الحيوي الذي ينتج غاز الميثان من النفايات والمخلفات الحيوانية كما في التجربة الهندية على سبيل المثال، ومعالجة مياه الصرف الصحي وتدوير المخلفات البرتروكيمياوية واعادة استخدامها.

لوكانت المحافظة على البيئة بدعا من ترف أو ضربا من توهم لما سميت غابات الأمازون رئة العالم، فلو احترقت تلك الغابات لتأثر بالنقص معدل الأكسجين في العالم.

في أحدى الزيارات التي  قد يقوم بها أحدنا الى إحدى المناطق  الريفية التي عشنا بعضا من  مراحل زهوها السالف،  نصدم ونحن نشاهد  تطورها الذي زاد البيئة انهيارا، بعد أن جرفها تيار العمران العصري، وفرمتها طاحونة التنمية.

امتدت بها طرقات الاسفلت لتودي بماتبقى  فيها من إزدهار بيئي ليصبح مجدها السالف "أثرا بعد عين"، ولم تجد أي تدارك من أي جهة بدعوى أن هذه حالة طبيعية جدا من حالات التغير، ومرحلة أعتيادية من مراحل الجدب والينوع في هذه الدنيا.

هذه المأساة التي نشاهدها تحتم على صانع القرارالتفكير الجدي في انشاء قطاع مستقل للبيئة  يعني بالمراقبة، ويوجد الحلول، ويستفيد من التجارب الثرية الرئدة في العمران الحضري المبتكرحول العالم،وحال مدننا لايقل ألما عن واقع القرى و الريف، فنحن كما قال  علي الوردي " أردنا ان نمدن الريف فريّفنا المدن".