مستغلين حاجة النساء..أرباب الشهوات يركضون خلف المسفار والمصياف

الشرع: الزواج بنية الطلاق محرم

الصحافي-خاص

عرف بعض المسلمين ما يسمى بالزواج بنيّة الطلاق ، وخرج من رحم هذا الزواج زيجات أخرى بأسماء مختلفة مثل زواج المسفار والمصياف وغيره ، وقد ذكر الدكتور أحمد بن موسى السهلي في كتابه ( الزواج بنية الطلاق ) إنّه لما عصفت ريح الشهوات بجمهرة الناس وزينت الملذات وتضاءلت القيم الأخلاقيّة وضعف الوازع الديني عند كثير من الناس، وأعانهم على ذلك كثرة الأسفار إلى بلاد التبرج والسفور والاختلاط لحاجة ولغير حاجة، فذهب البعض يتلمس الرخص ويلهث وراء التلفيقات ويجري في ميدان الحيل ليصل إلى أمر ظاهرة الرحمة وباطنة العذاب، وذكر الشيخ أحمد أن هؤلاء البعض هم من يتزوج بنية الطلاق بل أن بعضهم ممن يسافر إلى بعض البلاد الإسلامية لأهداف خيرية تورطوا في هذا الزواج المشؤوم ، وبعضهم استحل أكثر من مئة فرج بهذه النيّة السيئة .

"الصحافي " تفتح هذا الملف بعد أن رأت تفاقم هذا النوع من الزيجات، وتمادي البعض حتى وصل بهم الحال لاستغلال ظروف اللاجئين والفقراء والمساكين، لم يردعهم في ذلك لا رحمه ولا شهامة ولا نخوة، همهم إرضاء شهواتهم، وتجاهلوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (استوصوا بالنساء خيرا)، ولو سئل هذا الشهواني أو ذلك، هل يرض بذلك لبناته؟ لأجاب مباشرة بالنفي، ويكون بذلك قد عطّل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه).

ورصدت الصحيفة أمثلة كثيرة حدثت مع اللاجئين السوريين، منها حالة (م، خ) 20 عاماً، تزوجت من رجل خمسيني من دولة عربية، وبقي معها حوالي أربع أشهر ثم تركها وهي حامل ولا تعرف عنه شيئاً، وفيما بعد علمت أنه قد تزوج من أخرى وطلقها، ثم تزوج من ثالثة وقد طلقها وغالبهن من المخيمات، فهذا الرجل قام بالسعي وراء شهوته مستغلاً أحوال الفقيرات من اللاجئين.

وطرحت "الصحافي" القضية أمام عدد من العلماء والمختصين، وما يفعله البعض حين يتوجهون إلى بعض الدول بغرض الزواج ثم الطلاق بعد أسبوع، ثم الذهاب إلى دولة أخرى لذات الغرض، وهكذا، والحكم الشرعي في تلك الممارسات، بالإضافة إلى حكم بعض أنواع الزواج، مثل، زواج المصياف والمسيار.       

قال الدكتور محمد بن سرار اليامي" هذه الأنواع من الزيجات تحايل على الشرع وهي عندي محرمة لأنها جمعت تبييت نية الطلاق، وهي ليست بعيدة عن المتعة، إذ جمعت بين التحايل على الشرع بضبط بعض الشروط الظاهرة، وبين إغفال مقاصد الشريعة في الزواج …والله أعلم.

من جهته قال الدكتور ناصر العلي" هذه الأنواع من الزواج لا تجوز لأنها غش وخداع ومقصد الزواج منه مفقود فهو أقرب إلى المتعة المحرم، هذا ما أراه والبحث يطول وللشيخ العثيمين فتوى في ذلك.

وقال الشيخ ياسر البواردي" قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى، أنه لا يقال"رأي الشرع"، لأنك إن قلت رأي الشرع وأخطأ المفتي أو المجتهد في المسألة أو المتكلم فيها سيكون قد تكلم بما لا يوافق الشرع، فرأي الشرع في الأمور المسلمة الواضحة  التي فيها دليل من كتاب وسنة ، وهناك مسائل فيها خلاف وتقبل الاجتهاد  مثل موضوع الزواج بنية الطلاق ،ففيه خلاف بين العلماء فمنهم من أجازوه إن كانت نية الطلاق من قبل الزوج ولم يكن هناك تواطؤ بين الطرفين كنكاح المتعة وإنما تكون نية الطلاق من جهة الزوج لأنه قد يؤدم بينهما ويستمر هذا الزواج".

وأضاف، تكلم في (الزواج بنية الطلاق) عدد من المشايخ مثل ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وغيرهم، لكن هل الزواج بينة الطلاق يجوز مطلقا؟ هذا الذي عليه الكلام والخلاف بين أهل العلم .

 من ذهب لهذا الزواج بذاته فإنه يخشى عليه الوقوع الزنا لأنه لم يذهب لتلك الدولة إلا لهذا الزواج ؛ فهذا ذهب ليزني لكنه زنا مقنًا بالشريعة، قال الشيخ ابن عثيمين : من ذهب إلى لأجل تجارة أو لأجل دراسة أو لأجل علاج فعنده حاجة في هذه الدولة أو ضرورة فإنه إذا بقي فيها وخشي على نفسه العنت يعني الزنا فإنه يتزوج حتى لا يقع في الحرام .

الأمر الثاني : الذي يذهب لأجل الزواج بذاته الغالب انه لن يتزوج امرأة شريفة لماذا ؟ لأن اولئك الذين يفعلون هذه الأفاعيل من زواج مصياف فإن هذا الزواج عرفه الناس في تلك البلدان ، عرفوا أن أناس من دول إسلامية يأتون إلى تلك البلاد ليتزوجوا من أهلها فأنشأ بعضهم مكاتب سماها مكاتب الزواج وصار هناك مجموعات ومنظمات تتصيد، فأصبح كما سمعت من بعض الزملاء أنهم إذا ذهبوا إلى بعض البلدان الإسلامية استقبلوهم في المطار فإذا رأوا فيهم سماه الخير وظاهره الخير  قالوا : تريدون زواج ؟ كأنهم يعملون حراج في المطار ، ولو جاء من ليس ظاهره الخير يعرضون نفس البنات عليهم يقولون : تريدون بنات ؟ إذن هؤلاء البنات استخدموهم في طريقين فإن كانوا يريدون الفساد فسدوا وإن كانوا يتزوجون بنية الطلاق فعلوا وهؤلاء البنات يعلمن أنهم سيطلقن إذن فكلا الطريقين مفسدة، وهؤلاء البنات يعلمن أنهن سيطلقن لأن أغلب من يأتي إلى هذه البلاد يطلق عند عودته إلى بلاده، فإذا طلقت المرأة في هذا الصيف فهل تظن أنها لمّا تطلق أنها ستجعل لنفسها عدة ؟ أو ستتحرى العدة؟ هل تظن أنها ستضيع الصيف كاملا وهناك(زبائن) في الانتظار وتبقى ثلاثة أشهر حتى تنتهي عدتها؟ هل تظن بانها أمينة؟ الجواب، لا، لأنها ترغب في ملاحقة المصطافين الآخرين، لذلك كما سمعت أن هؤلاء الذين يتزوجون بنية الطلاق يطلقها اليوم ويأخذها زميله غدا فلا يراعون أحكام الطلاق تتزوج ولا زال ماء الرجل الأول في رحمها  فهذا يدخل في الزنا الذي ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وللأسف أن بعض الذين من مظهرهم أنهم عقلاء  انفرطوا فيه انفراطا عجيبا ، فهؤلاء لا يمكن أن يتزوجون بشريفات لأن الشريفة لا يمكن أن تقبل بهذا ولا أهلها يقبلون بهذا.

كما أكد الشيخ البواردي أن من المحاذير الشرعية في هذا الزواج أن الولي ليس وليا حقيقيا لأن الولي الحقيقي في الغالب لا يرضى بهذا الزواج كيف يرضى أن يزوجها اليوم على هذا وبعد خمسة أيام على ثاني وبعد ثمانية أيام على رجل، فلذلك ماذا يعملون؟ يتفقون مع رجل كبير في السن كأنه والدهم ويعطونه جزء من المهر ويكون هو الولي لهن في جميع الزيجات، ومن المساوئ أيضا في هذا الزواج أنهم قد يتزوجون امرأة متزوجة إما ان تكون في ذمة رجل أو تكون معلقة أو تكون مطلقة في العدة.

وفيما يتعلق بالدوافع لهذا الزواج، قال" دوافع شتى منها الدافع المالي بسبب الفقر ، وقد تكون دوافع فكرية وقد تكون منظمة فاسدة تريد نشر الفساد في أبناء المسلمين وبناتهم فيفعلون هذا الشيء، وقد تكون دوافع حاقدة على أبناء المسلمين فيزوجون الشباب بفتيات بهن أمراض خطيرة أو العكس، وقد يريدون الإطاحة بالشباب بأي طريقهم لإفسادهم وإفساد أخلاقهم، بالإضافة إلى أسباب أخرى، منها،  قلة المهور التي هي في متناول الشباب فيستطيع أن يتزوج بثلاثة آلاف أربعة آلاف بينما في بلاده لا يستطيع أن يتزوج بهذا المبلغ.

وأضاف، هذا يجعلنا نركز على مسألة غلاء المهور عندنا في الدول الخليجية وهذا الذي دفع ابناءنا للذهاب إلى هناك فمن الأسباب:

-غلاء المهور فتجد الشاب في بلده يصدمه شرط المهر المرتفع إما بخمسين أو ستين ألف فيذهب إلى الدول الإسلامية ليتزوج كما يريد بأقل الأثمان.

-عدم فتح مجال للتعدد، وعندما نطرح هذه المسألة لا نحابي فيها أحدا من الخلق وإنما نطرحها لأنها مسألة شرعية ومسألة نخشى الله ونتقيه عندما نطرح هذه المسائل، واجب علينا أن نبين هذا لأن الله سيحاسبنا فما أغلقت أبواب التعدد على شبابنا.

وحول ما يسمى زواج المسفار، قال البواردي " تجد البعض يتزوج من هنا من اجل السفريات فقط، فبعضهم حتى يتصل علي يقول أنا أريد زوجة للسفريات لأني كل شهر أسافر مرتين للعمل ومحتاج إلى زوجة، وزوجتي أم اولادي ثقيلة ما تستطيع أن تسافر فأريد زوجه ليس لها أولاد وليس لها ارتباط فآخذها كلما سافرت".

وأضاف، الكلام عن هذا كثير لكن ما أدين الله به هو أن هذه الطريقة كلها غير جائزة ومحرمة شرعا وانقل عني هذا الكلام بما أدين الله عز وجل به بنصوص الكتاب والسنة قال تعالى: (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) والميثاق الغليظ لا يمكن أن يكون بهذه الطريقة، وقال تعالى في آية أخرى:( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ​) وهذا الزواج لا تحصل به المودة ولا تحصل به الرحمة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " ولا يمكن أن تكون ودودا ولا ولودا بالزواج بنية الطلاق أو المسفار والنصوص في هذه واضحة ومتعددة .

وشخص الشيخ ياسر البواردي العلاج في عدد من الخطوات، منها، الوعي، قائلا" الوعي يعد علاجا لتلك الممارسات، وأكبر الوعي الإعلام لأن الإعلام مؤثر في توعية الشباب حول هذه المواضيع فإذا وعوا الشباب توعية جيدة عن طريق الإعلام فإنه أقوى توعية في هذا الزمان ..

وفي  كتاب  "الزواج بنية الطلاق " للدكتور أحمد السهلي ، يتناول الكتاب المكون  من 263 أقوال الشيخين صالح بن محمد اللحيدان والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، ومقدمة المؤلف قال فيها : فلمّا انتشر هذا الوباء – يقصد الزواج بنية الطلاق- واستحكم هذا الداء ، وشاع حتى خالط ديارنا واصطلى بحره بعض الوافدات ، وحملت الفتوى على غير وجهها خشيت أن يتخذ هذا الفعل سنّة ، وأن يعتقد معتقد أو يظن : أنه من هدي خير الأمّة صلى الله عليه وسلم ، بل يخشى أن يصبح سوق الزواج عن الرغبة كسادًا ، فيتقلص تكاثر الأمة وهو المقصود العظم من النّكاح ، لأن من يتزوج بنيّة الطلاق يتهرب من الإنجاب لأن الوثاق ، وما اكثر وسائل منع الحمل ! وشيوع تناولها ، والعثور عليها !! لذلك كله أحببت أن أقيد هذه العجالة في ( مسألة الزواج بنية الطلاق – حقيقته وحكمه وآثاره السيئة ) موضحا أقوال أهل العلم مبينا أدلتهم مشيرا إلى الراجح في المسألة من حيث الدليل والتعليل ، معينا من قال بذلك من أهل العلم المتقدمين والمتأخرين ، ومن هم من علمائنا المعاصرين .

وفي خاتمت الكتاب ذكر فضيلة الشيخ أحمد السهلي :

إن الزواج بنية الطلاق هو نكاح المتعة بذاته ، بل هو أسوأ منه من عدة نواحي .

أمّا باعتباره نكاح متعة فلأنّ هذا النّكاح الذي رخص فيه أول الإسلام للضرورة مداره وعمدته توقيت النكاح ، ثمّ حرّمه الله تعالى إلى يوم القيامة ، وسدّ هذا الباب ولا فرق بين التّصريح بالتقويت أو نيّته من قبل الزواج ، الذي بيده عقدة النّكاح ، ولذلك أطلق عليه أئمة متقدمون ومتأخرون بأنّه نكاح متعة ، وعابوه ونشروا مساوئه ، وأعلنوا أضراره وتعدد مفاسده .

وأما كونه أسوأ من نكاح المتعة ، فلأنّه بالإضافة إلى نيّة التّوقيت فيه فقد دخله الغش والتدليس على المرأة وأسرتها ، ونبذ مقاصد النّكاح ، وطرح تلك الأهداف السّامية التي أراد الله تعالى تحقيقها عبر هذا الزواج الشّرعي