مغالطات في مقالة (شمس “الجزيرة” تسطع على العالم)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرى أن الموضوع الذي كتبه الأخ علي بطيح في مقالته (شمس "الجزيرة" تسطع على العالم!!)  منطلقه النعرة والتعصب وقد قال صلى الله عليه وسلم ( دعوها فإنها منتنة ) ..والذي يهمني هو التنبيه على ما احتواه مقال الأخ علي بطيح العمري  من مغالطات حيث أنكر وجود أصل للعرب قبل إسماعيل عليه السلام وهذه مغالطة لا يوافقه عليها أحد ممن يعرف تاريخ العرب وأنسابهم فأنبياء العرب قبل إسماعيل عليه وعليهم السلام هود وشعيب وصالح وهود وصالح قبل إبراهيم أبي إسماعيل عليهم السلام وأرسلوا إلى أقوامهم العرب وقد أبيدت العرب جميعها إلا جرهما ومن إسماعيل عليه السلام وزوجته الجرهمية نشأت العرب الثانية الباقية التي هي في مقابل العرب البائدة ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام من الكلدانيين وليس من العرب لكن لما تكونت العرب الثانية من نسل ولده إسماعيل من زوجته العربية الجرهمية ونطق هو وأولاده بالعربية الأولى وتخاطب مع جرهم بهذه اللغة التي تعلمها منهم وسكنوا بلاد العرب سموا عربا بهذه الاعتبارات ومن نسله خرج ولداه قحطان وعدنان وهذا هو الذي أراه راجحا من القولين في قحطان وهو الذي رجحه إمام النسابين والتاريخيين الإخباريين الطبري صاحب التفسير وصاحب الكتاب التاريخي تاريخ الملوك رحمه الله فإن للنسابين في قحطان قولان  الأول أنه ليس من ولد إسماعيل وأنه قبل إسماعيل والثاني أنه أخو عدنان وأنه من ولد إسماعيل والدليل الذي رجح به الطبري هذا القول هو قوله تعالى (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ ) فالخطاب للعرب جميعا وأخبر أن إبراهيم عليه السلام هو أبوهم ويدخل فيه القحطانيون والعدنانيون وعليه فباعتبار وجود العرب السابق لإسماعيل عليه السلام يصح أن يقال أصل العرب سابق لإسماعيل عليه السلام ، وباعتبار أن هودا عليه السلام وهو نبي عربي وقومه عرب في اليمن بلا خلاف بين النسابيين والإخباريين كما ورد في ترتيب الأنبياء والرسل أنه ثاني رسول بعد نوح عليه السلام وإن لم تخني الذاكرة ففي هذا حديث أو أثر لكن بغض النظر عن الحديث فإن هذا هو المعروف عند أهل العلم وعلى هذا الاعتبار يكون أصل العرب سابق لإسماعيل ويكون أصلهم الأول في اليمن باعتبار أن عادا قوم هود لم يتقدمهم أحد من العرب في الترتيب الزمني وعليه يصح بهذين الاعتبارين أن يقال أن اليمن أصل العرب لوجود أول العرب في اليمن الذين هم عاد ، كما يصح أن يقال أن اليمن أصل العرب للعرب الباقية التي هي من ولد إسماعيل باعتبار قبيلة جرهم التي هي في الأصل عربية وباعتبار أن إسماعيل من أصل كلداني وإنما تعلم العربية القديمة من مساكنة قبيلة جرهم له في مكة ومن مصاهرته لهم وإن كانت اللغة العربية الفصيحة التي هي لغة الضاد إنما نطق بها ولده معد بن عدنان كما يذكر النسابون والإخباريون ، على أنني أذكر هنا رأيا ثالثا ذكره المؤرخ العراقي الكبير جواد علي وهو شيعي جعل فيه العرب خليطا من القبائل التي تجمعت من عدة جهات ومن عدة أجناس وسكنوا في البقعة التي سميت بعد ذلك باسمهم وأن اسم العرب أصلا تعني البدو باللغة العبرانية أو غيرها من اللغات القديمة نسيت الآن ذلك أنني قرأت كتابه المذكور عام ١٤١٤ تقربا أي منذ ٢٣ سنة لكنه تحامل فيه على العرب وجعلهم كما ذكرت لك خليطا من البدو الرّحل من عدة شعوب تجمعوا وكوّنوا هذا الأصل الذي يقال له العرب ولا شك أن كلامه مردود عليه وربما حمله عليه دوافع عقيدته الشيعية التي تستمد من الفرس العداء التاريخي للعرب ولكن ما ذكرته لك من كون العرب أصلا مستقلا وسلالة واحدة منذ هود عليه السلام وربما ما قبله من ولد سام ابن نوح الذي إليه ترجع سلالة العرب وأيضا سلالة بني إسرائيل فالعرب يا صديقي هم :

١- سلالة مستقلة لها أصل واحد ونسب واحد وليست خليطا من شعوب وبدو رحّل .

٢- أولهم سكن اليمن وبهذا الاعتبار يصح القول أن اليمن  أصل العرب .

٣- أنّ من بقي من العرب الأولى البائدة كالعماليق وجرهم كونوا مع ولد إسماعيل عليه السلام العرب الباقية الموجودة حاليا وصارت ذرية إسماعيل هي الغالبة والسائدة في العرب من بطنيها قحطان وعدنان .أمّا بالنسبة لتقسيم بعض النسابة للعرب إلى عاربة ومستعربة فهذا رأي لبعضهم لكنه رأي مرجوح وسبب هذا التقسيم هو اختلافهم هل قحطان وعدنان أخوان أم لا ؟ فالذين قالوا بأنهما غير أخوين هم الذين قسموا هذا التقسيم ، والبعض للأسف ممن يتبعون هذا التقسيم يستنقصون المستعربة بناء على أنهم ليسوا عربا خُلَّصا لأن أباهم استعرب وليس عربيا لأن أباه إبراهيم – على عليه وعلى نبينا وعلى إسماعيل الصلاة والسلام – ليس عربيا وهذا استنقاص خطير لأن نبينا صلى الله عليه وسلم من أوسط وخيار العرب وأشرفهم نسبا .

والقول الثاني للفريق الثاني من النسابة الذين يقولون هما إخوة هو القول الراجح والصحيح فعدنان وقحطان إخوة والعرب جميعهم ينحصرون في هذين النسبين والدليل على رحجان هذا القول ماذكره بعض العلماء عند تفسير قول الله عز وجل (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ) والشاهد من الآية قوله تعالى ( أبيكم إبراهيم ) والخطاب للعرب قاطبة أو هو للصحابة رضي الله عنهم

ومنهم من هم من القحطانية كالأنصار الأوس والخزج وجهينة المنحدرة من قضاعة القحطانية على القول الصحيح فإبراهيم عليه السلام بنص الآية أبٌ للعرب الذين أنزل عليهم القرآن مخطابا لهم وبلغتهم .

فهذا هو الصحيح ومن أراد التقسيم الأول فليحذر من الاستنقاص عند قوله المستعربة فهم خير من العاربة باعتبار كون النبي صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق وسيد ولد آدم منهم .

والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

* أبو أحمد – طالب علم