تكرار وتهريج .. سقوط القصبي ورفاقه في رمضان

الصحافي-المحلل الفني

قبل دخول شهر رمضان المبارك انطلقت بوقت مبكر ماكينة الترويج لمسلسلات التهريج عبر مختلف وسائل الإعلام، ومنذ اليوم الأول من الشهر الكريم تواصلت الحملة الترويجية في محاولة يائسة لإعادة شريحة واسعة من المجتمع انصرفت عن متابعة بضاعة المهرجين، لأن ذلك من شأنه أن يقضي على مكاسبهم المادية، إذ أن المشاهد هو الهدف الذي تبتغي القنوات الفضائية الوصول إليه، وتنميته في كل عام.

وإن كان شهر رمضان المبارك يمثل لدى عموم المسلمين شهر صيام وقيام وتلاوة القرآن الكريم، فإنه يمثل لدى بعض القنوات الفضائية، سوقا رابحة في مجال في مجال الأعمال التلفزيونية من مسلسلات وبرامج ومسابقات، وبعيدا عن الفتوى بحكم عدم التخصص، سأتناول الجانب الفني في نوع واحد من تلك الأعمال في الشهر الكريم ، وهي المسلسلات ، التي تكتظ بها القنوات الفضائية كل عام.

ولعله من المناسب أن يكون العنوان الصحافي لتقرير عن المسلسلات التلفزيونية في رمضان في السنوات الأخيرة " سقوط القصبي ورفاقه"، بعد أن طغى التكرار والتهريج على معظم أعمال الممثلين ناصر القصبي وعبدالله السدحان وحسن عسيري وفايز المالكي ومحمد العيسى وعبدالإله السناني وراشد الشمراني حسين عبدالرضا وعادل إمام وأسعد الزهراني وحسن البلام وآخرون.

وشكلت العشرين عاما الماضية ارتفاع وتيرة حمى التنافس بين الفضائيات، وكانت المسلسلات هي اللعبة التي تراهن عليها كل قناة، سواء كانت مسلسات تتناول موضوعا واحدا متسلسلا على مدى ثلاثين حلقة ، أو كانت مسلسلات تتناول في كل حلقة موضوعا مختلفا كما كان الحال في مسلسل"طاش" وبطليه الرئيسين عبدالله السدحان وناصر القصبي، وبيني وبينك وبطليه حسن عسيري وفايز المالكي، وصولا إلى سيلفي الآن.

ربما كانت بعض المسلسلات مقبولة لدى البعض في أجزاء منها ،في بداياتها، رغم افتقارها إلى القيمة الفنية والإنسانية، لكنها حينما تحولت إلى تكرار بدأ المشاهد العادي يلحظ هذا الفراغ الذي تزعمه مجموعة من الممثلين في مقدمتهم الممثل ناصر القصبي، إذ بدأ القصبي يتعامل مع القضية من جانب مادي بحت، لم يعد لديه أي اهتمام بمضمون العمل والرسالة التي يجب أن يوصلها عبر منصة مشاهدة على نطاق واسع(MBC (، ووضح للعيان أن القصبي لديه أجندة خاصة تتعلق بموقفه الشخصي من الدين والمجمتمع ، ويظهر ذلك جليا حينما يعبر عن ذلك عند ظهوره  في لقاء تلفزيوني اوعبر حسابه في تويتر، ولهذا فإن السواد الأعظم من المسلسلات التي قدمها منذ طاش وعيال قرية إلى سيلفي تصادم المجمتع في قيمه وعاداته وأخلاقه، فضلا عن التكرار الملازم له، ولو عاد أي مشاهد إلى اليوتيوب وبحث عن الحلقات الأولى من طاش قبل 18 عاما تقريبا ، وشاهد سيلفي في الثاني من رمضان لهذا العام 1437هـ سيشاهد نفس السيناريو والحوار والتهريج.

وما قيل ويقال عن القصبي ومسلسلاته المكررة، يقال عن المسلسلات ذات الموضوع الواحد، من حيث التكرار والضعف في المعالجة، ناهيك عن استغلال الجسد الأنثوي بدرجة فاضحة من الجرأة، قد لا تكون في أي شهر آخر من شهور العام، وكانت معظم المسلسلات المصرية والخليجية هي المتسيدة لهذا الفن الرخيص ، فيما كانت المسلسلات السورية في مرحلة ما أفضل من غيرها ، من حيث الموضوع ، والالتزام بأدنى معايير الأخلاق، مثل مسلسل "باب الحارة"، قبل أن يتحول إلى أجزاء ، مما أفقده الترابط الفني ، والقصة المتسلسلة ، ومن المسلسلات التي ربما علق منها شيء في الذاكرة المسلسل التاريخي "الزير سالم"، رغم ما صاحبه من جدل تاريخي فيما يخص بعد الأحداث ومواقعها في تلك الحقبة قبل الإسلام.

ونستطيع القول بعين فاحصة، أن تلك المسلسلات فقدت قيمتها، ولا سيما في الخمس سنوات الأخيرة، ولم تعد مغرية للمتابعة، بعد أن كانت الأسرة قبل ذلك تتحلق حول التلفزيون بعد وجبة الإفطار لمتابعة تلك المسلسلات، ولهذا سيكون لزاما على القنوات الفضائية أن تغير منهجها في الأعوام المقبلة، حتى لا تتأثر حصتها من الإعلانات التجارية التي تعتبر العمود الفقري لتلك القنوات، وتجد نفسها مرغمة على إعلان إفلاسها.