“فَشقّ عليهم فاشقق عليه”

الخميس 4 ربيع الثاني 1445هـ 19-10-2023م - 21:41:41 م

أسماء بنت أحمد العُمري

توقفت عن الكتابة لِزمن، ولكن تملكني الشغف لأخط لكم مقالي هذا بعد أن وصلني بعض من الرسائل من مرؤوسيّ، متضمنة الشكر والامتنان، وكم من الدعوات بظهر الغيب التي تثلج الصدر بمناسبة يوم المدير العالمي؟ استرجعت بها ذكريات جميله لم ُتنسى؛ مما اثار في ذاكرتي موقف حدث لإحدى زميلات العمل، حين كنت أوصلها بسيارتي في أحد الأيام الى منزلها، وما ن أنأن صدح نداء الحق لصلاة المغرب فما كان منها الا ان رفعت يديها للسماء وبصوت باكِ قالت: اللهم انصرني على مديري فلان؛ تسللني شعور ببرودة تسري بأطرافي؛ حينها مر أمامي شريط حياتي للحظة تذكرت كل موظف كان تحت إدارتي يوماً ما رغم يقيني التام بأني لم أظلم أحداً؛ لخوفي من الله أولاً، ويقيني بأن المناصب لا تدوم.. القشعريرة التي سرت في عروقي جعلتني في لحظة إدراك لا إرادي لما ألمّ بي من ذلك “المتفرعن”؛ فما كان مني إلا أن ألجأ لذي القوة المتين رب العالمين فاستحضرت كافة جوارحي وأوقفت سيارتي ورفعت يدي إلى السماء ودعوت الله أولاً أن يسخرني لكل من تعلو سلطتي على سلطته، وأن يجعلني الله دائماً ممن يقضون حوائج الناس، وأن أكون لهم عوناً ما استطعت، وأن يتولى أمر ذلك المستبد المتجبّر من لا يخاف الله فيه؛ ليقتص لي منه، وها انا أدبب قلمي كوسيلة لمجابهة ذلك النمرود الذي لم يترك لي وسيلة الا ان اثأر منه بحدة قلمي الذي خط مقالي هذا المعنون بـ(فَشقّ عليهم فأشقق عليه)، اقتباسا من قول سيد الأنام، ليكُن بمثابة عِضة لفئة معينة من مديري الإدارات التي مررت بأحدهم في إحدى محطات حياتي العملية.

ذلك المدير الأشر الذي يعسّر ولا ييسر، المتصيد للهفوات، والمتربص للزلات، وجل اهتمامه قصورك وأخطاءك، لا عملك وأداءك ،لا يتلمس حاجات الموظفين، ولا يقبل أعذار المقصرين؛ يكون لهم بالمرصاد في كل دقيقه تأخير، لم يكن متعاوناً ومترفقاً في تغيب البعض لظرف ما، بليد الذهن بذيء الكَلَم ، مُتعالِ على الجميع ، دميم الخُلق، لم يكن خير داعم لإنجازات موظفيه، ولا يرى تميزهم شيئاً يُذكر، يضع أخطائهم تحت المجهر، وقد خلقت شهادته العلمية الأقل من مرؤوسيه شعور بعقدة النقص، ما جعله يمارس الغٍل، والرغبة في الانتقام من كل من هو أعلى منه درجة علمية أو وظيفية، ما يدفعه إلى التقليل من إنجازاته، وانتهاز الفرص لتصيد زلاته حتى اتفق الجميع على عظم سيئاته.

كونوا خير قدوة ومثالاً يُحتذى، مارسوا الرفق مع من حولكم في كل محيط، تلمسوا حاجات مرؤوسيكم، فوالله أن السمعة الطيبة يتبعها دعاء وذكر بالخير يبقى لا يزول، والسمعة السيئة فيتبعها دعوة مظلوم قد تمسكم أو تمس أحبتكم، “جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فَشقّ عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فَرفق بهم فأرفق به”.

*مستشار إعلامي

, المقالات

يمكنك الوصول للخبر بسهولة عن طريق الرابط المختصر التالي:

https://alssehafi.org/?p=41366