كأس البيبسي وكأس العالم

د. أشرف سالم
في النصف الأول من القرن العشرين، وعندما كان المستعمر الغربي جاثما باحتلاله البغيض لمعظم البلاد العربية، بادرت القوى الوطنية لمقاومة كل مظاهر هذا السرطان الذي يستنزف مقدرات الشعوب.
ومن صور هذه المقاومة الوطنية الباسلة، الدعوة لمقاطعة المنتجات الغربية وخاصة المنتجات التي أصبحت رموزا عالمية للغرب، وعلى رأسها مشروب “البيبسي”.
وهذا التوجه لا غبار لولا أن أولئك المبغضين للبيبسي حشدوا في حملتهم عناصرَ عجيبة، وحولوا البيبسي إلى قضية دينية وسياسية وكيمائية وطبية واقتصادية بل ولغوية أيضًا.
فقالوا إن البيبسي حرام لأنه منتج من خمائر تؤخذ (حصرًا) من معدة الخنزير، وإن ما به من سُكـَّر وغازات كربونية تدمر القلب والشرايين والكبد والكلى، وإن الشركة يملكها صهاينة بل أن اسم المشروب نفسه يدعو للتبرع لإسرائيل، وكثيرٌ من الادعاءات المنفرة وغير الموثقة، ليس منها مسئولية البيبسي عن سقوط الأجنة وسقوط الطائرات وسقوط أنظمة الحكم.
في كأس العالم الحالية (مونديال قطر 2022)؛ وجدتُ من مبغضي “كرة القدم” ادعاءات عجيبة مشابهة، قال لي أحد أصدقائي أن “كأس العالم” هو صنمٌ صنعوه لنا ليُعبدَ من دون الله، وقرأتُ لآخر أنه من اللغو الذي يُضلُّ عن سبيل الله وإقام الصلاة؛ ثم هي من توافه الأمور التي شغلونا بها عن قضايانا لننسى تحرير فلسطين وتوحيد الأمة واستثمار ثرواتها؛ وهي من السفاسف التي ينبغي على المثقف أن يترفع عنها ليتفرغ للمشاريع الحضارية لنهضة الأمة؛ كما أن الفرح بالفوز فيها هو علامة على تخلف الأمة وتكريس للمؤامرة الكونية عليها.
والأغرب من ذلك بل وربما الأخطر؛ فهو تحميل الأحداث والوقائع أكبر بكثير مما تحتمل، بالحديث المُعاكس عن الانتصار على الفرنجة والانتقام للأندلس والسير على خطى “طارق بن زياد”؛ وأن هذه المكاسب هي بشائر لنهضة الأمة ووحدتها التي لم ينجح الأعداء في تقويضها، ثم خطاب كراهية بغيض وخالٍ من الروح الرياضية بحقِ لاعبين كبار طالما أمتعوا عشاق الساحرة المستديرة بفنونهم.
وهكذا نحنُ دائمًا أصابتنا لعنة “أبي فراس الحمداني”: “ونحنُ أُناسٌ لا توسطَ عندنا .. لنا الصدرُ دون العالمين أو القبرُ”، فالحدث في النهاية رياضي؛ يتم التنافس فيه على أساس المهارة والإجادة مع قدر من التوفيق، ليس له كبير وزن في التصنيف العالمي للدول؛ فقد لا تدخله الصين صاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم؛ وتخرج منه ألمانيا صاحبة المركز الرابع وتبقى فيه كرواتيا صاحبة المركز الـ77، دون تأثيرٍ على مكانة هاته الدول.
ولكنه بلا شك مهرجان عالمي كبير للمتعة والإثارة؛ يحظى بأكبر متابعة عالمية بين البشر ليس فقط في الأحداث الرياضية؛ بل وفي الأحداث السياسية والدينية والفنية والاقتصادية والعلمية، لذا فلا عجب أن يستهوينا كسائر البشر؛ أما من يؤرقهم ذلك الاهتمام فالحدث يستغرقُ شهرًا كل أربع سنوات؛ ويبقى لديهم 47 شهرًا لتحرير فلسطين وبناء المشاريع الحضارية للأمة؛ وتسجيل براءات الاختراع في مختلف العلوم.
أما خطاب كراهية المؤسف من الدهماء ومدغدغي المشاعر؛ فأخشى أنه يُقَوِّض الجهود الراقية من “قطر” لإبراز رقي العرب؛ وتحسين الصورة الذهنية عنا وعن قضايانا؛ والتقريب بين الشعوب والثقافات، وإلى الله المشتكى.
وزير الصحة يدشن مشروع الروبوت الجراحي في مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة المكرمة ..... المزيد
إنفاذاً لتوجيهات الملك وولي العهد..وصول التوأم السيامي الصومالي إلى الرياض لدراسة امكانية فصلهما ..... المزيد
جمعية عين لطب العيون تستعد لاطلاق الاسبوع العالمي للجلوكوما ..... المزيد
ضياء: الإكثار من الماء أثناء السحور قد يرهق الكلى ويمهد لانخفاض “الصوديوم” ..... المزيد
مركز الملك سلمان للإغاثة يطلق برنامج “أمل” التطوعي السعودي للأشقاء في سوريا ..... المزيد
من التجميد إلى التفعيل : كيف تتحول الأراضي إلى محركات تنمية في عهد الرؤية؟
ياسر بن عوض الشهرانيالخلاف الإكسي من منفوحة إلى روكسي!
الدكتور محمد علي الحربيالاختناقات المرورية.. هل من حل؟!
خالد بن حمد المالكالنظام العالمي بعد تسونامي “ترمب”
الدكتور فايز عبدالله الشهري
شاركنا بتعليق
صفاء
الأربعاء 20 جمادى الأولى 1444هـ 14-12-2022م
احسنت يادكتور اشرف
فعلا . ديما في تنافس في كل شئ وديما في ادعاءات غير صحيحة وفعلا سمعنا عن حوار البيبسي وتحريف كلماته والكاكولا وتحريف كلماتها ودخول اسمائها في الدين والسياسة والاقتصاد ربنا يحفظ بلادنا والشعوب العربية
شكرا دكتور اشرف علي هذا المقال