التشفير بين الواقع والمأمول

سلطان السلطان

قديماً كانت اللقاءات الكروية تنقل عبر المذياع، بحيث يتم تقسيم الملعب إلى عدد ثمانية مربعات، كل نصف من الملعب يكون فيه أربعة مربعات، ويقوم المعلق بذكر رقم المربع التي تتواجد فيه الكرة.
فمن المتابعين من هو مستمع وآخر يتمنى لو أنه يرى اللقاء بأم عينيه.
اليوم وبعد أن منّ الله علينا بنعم -لا تعد ولا تحصى- أصبحنا في عالم (التكنولوجيا)، عالم رقمي، عالم وكأنه قرية صغيرة تحمله في جيبك عبر جهاز (الجوال)، وبعد الاكتشافات والتقدم في الصناعة، ها نحن نشهد نهضة عالية ومتقدمة في عالم الالكترونيات.
فعالم كرة القدم، صاحبة الشعبية الأولى على مستوى المعمورة، والمتنفس الذي لا يمكن للكثيرين الاستغناء عنه، يحظى باهتمام ورعاية من قبل الحكومات، وأخص بالذكر حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده-حفظهما الله- وما يوليانه من اهتمام ومتابعة لأبناء هذا الوطن؛ للارتقاء برياضتنا ووصولها للعالمية في جميع الألعاب عامة، وكرة القدم خاصة.
محور حديثنا سوف ينصب على النقل التلفزيوني للمسابقات المحلية، فبعد أن تعددت القنوات والمحطات الناقلة، ما بين القنوات السعودية الرياضية، وتارة على محطة عربية أخرى، ها هي اليوم تطل على قنوات جديدة اسموها بـ SSC وفق تقنية الـ SD و الـHD وعلى منصة شاهد عبر تطبيق خاص، وجهاز رسيفر آخر، ما أوقع المشاهد في حيرة، عن طريقة وكيفية الاشتراك، خصوصاً أن الإعلان عن حقوق النقل جاء في وقت متأخر وقبل انطلاق مسابقة دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين بأيام!
العمل البيروقراطي في بعض المجالات يأخذ حيّزاً كبيراً، مما يوقع العاملين في حرج أمام الفئة المستهدفة، فكون ولاة أمر هذه البلاد لم يقصروا في توفير الاحتياجات والمتطلبات، إلا أن القصور من بعض العاملين لا زال موجوداً، والعمل يخطو بخطوات مترنحة وغير متزنة.
في أول لقاء من الدوري، والذي انطلق الأربعاء الماضي بتاريخ 11 أغسطس 2021 تابعنا ردود الفعل بعد اللقاء، حيث لم يكن المتابع راضٍ عن النقل بسبب الجودة، والبعض بسبب ضعف الشبكة العنكبوتية(النت)، مما أعطى انطباعاً لدى البعض، أن البدايات غير موفقة! ستعطي نتائج غير مرضية.
دورينا يعتلي الصدارة آسيوياً في قيمته السوقية، متقدماً على دول صناعية وتجارية كبرى كالصين واليابان وكوريا الجنوبية، إلا أن النقل التلفزيوني لا زال يؤرق الكثير ممن يطمح برؤية المباريات وفق أعلى المقاييس في الجودة، تضاهي القنوات العالمية الأخرى، والتي تنقل بجودة ومعايير عالمية وعالية، فما الذي ينقصنا عنهم؟!
أما عن الاشتراك في هذه القنوات، وكلنا يعلم بأن الفائدة في نهاية الأمر تعود في المقام الأول للأندية، مما يزيد من الدخل المادي لها، من حقوق النقل التلفزيوني، وكذلك المتعة التي سوف يلقاها المشاهد والمتابع للقاءات الكروية، ولكن ثمة أمران مهمان فيما يخص الاشتراك، وهو أن يتوفر التالي:
١- أن تكون الأسعار مناسبة وفي متناول الجميع.
٢- عدم الاكتفاء بنقل المسابقات المحلية، وضرورة المنافسة بالفوز بحقوق نقل أكثر من دوري من الدوريات الأوروبية، كالإيطالي أو الأسباني أو الإنجليزي على سبيل المثال وليس الحصر، وكذلك للبطولات القارية والعالمية للأندية والمنتخبات.
في حال لو توفر كل هذا، ليثق بعدها المسؤول ثق تامة بنجاح هذا المشروع، وسيحقق نقلة نوعية، ليس على مستوى النقل التلفزيوني فحسب، بل على جميع الأصعدة ومنها ارتفاع المستوى الفني لمسابقاتنا المحلية.
لذا ونحن على أعتاب تحقيق رؤية 2030 يأمل المتابع الرياضي، أن ترتقي برامجنا الرياضية وفق هذه الرؤية الطموحة، وأن نزاحم القنوات العالمية في نقل الدوريات والبطولات العالمية على مستوى الشرق الأوسط، فالعمل كبير والأمل بذلك جدير، والجهد مضاعف، فإذا لم نرتق إلى ذلك العمل والمستوى، فلن نحقق المأمول ولن نصل إلى الهدف المنشود.

سلطانيات:
لنسع جاهدين في مزاحمة الكبار، ليس على المستوى الفني فقط، بل على مستوى جودة وأداء النقل التلفزيوني.
@S_alsultan3