أعلام في ذاكرة النسيان!

سلطان السلطان

يعج عالمنا الإسلامي والعربي بالكثير من المفكرين والمبدعين ومن كان في حكمهم، وعلى مر العصور التي مرت بها الأمتين الإسلامية والعربية، رأينا الكثير من هؤلاء (مهمشين)! ولكن قد يذكرهم التاريخ في الوقت الذي نسيهم فيه البشر!
منطقة الباحة على سبيل المثال لا الحصر، نجد فيها من العلماء والأدباء والمثقفين والمبدعين بل ومن المبادرين الذين خدموا الدين والوطن من خلال ما توفره منطقتهم من سبل العلم والتسلح به، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الاهتمام المباشر والدعم السخي من ولي الأمر على هذا البلد المعطاء.
بالأمس القريب، توفي رجل العلم والثقافة والأدب، شخصية جعلت من الحراك العلمي والأدبي في المنطقة ما يرقى بها إلى سماء الإبداع والإمتاع، رجل تخرجت من تحت يديه أجيال متعاقبة لا زالت تذكر ذلك الرجل الذي فتح الآفاق على مصراعيه علماً وأدباً وثقافة، ليس ذلك فحسب بل إنه لم يألوا جهداً في العمل والمثابرة لرفعة المكانة العلمية والأدبية للمنطقة وأهلها، فبرغم أنه من مواليد مكة المكرمة، ونهل من علمها فعلم وتعلم، إلا أنه لم ينس (ديرته) الأم، تلك المنطقة الجنوبية منطقة الباحة، فعاد به الشوق والحنين إليها، فبدأ بتأسيس التعليم النظامي بها من خلال مدارس الريحانية التي أنشأها على نفقته الخاصة!
لم يتوقف عمل هذا الرجل على التعليم فحسب، بل عمل موظفاً في المالية بالمنطقة، ثم اتجه إلى العمل في إدارة الأحوال المدنية (إحصاء النفوس) آنذاك وكان مديراً لها، لينتقل بعدها مديراً عاما لمدارس بني ظبيان، ثم مشرفاً على بعض مدارس المنطقة، كما كان عضواً بمجلس المنطقة، ورئيساً للنادي الأدبي في الباحة لمدة أربعة عشر عاماً تقريباً، إلى جانب عمله رئيساً لجائزة أمير المنطقة آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود-رحمه الله- لحفظة كتاب الله، ورئيساً للجنة الثقافية بإمارة المنطقة، وهذا فيض من غيض، لا يسع المقال لذكرها، بل تحتاج سيرة هذا الرجل إلى مجلدات عديدة، تذكر سيرته الذاتية الكاملة على مدى السنين المديدة.
علمنا هو الوالد الشيخ/ سعد بن عبدالله المليص-رحمه الله- والذي فارقت روحه الحياة الخميس 1440/7/14هـ وفقدت المنطقة علماً من أعلامها العظام، ونبراساً يقتدى به، وصاحب علم يحتذى به.
ما جعلني أكتب هذا المقال، هو لماذا لم نعرف هذا الرجل الشيخ العلم من ذي قبل؟!
قد يعرفه البعض، ولكنهم المقربين منه فقط! أليس من حق أبناء المنطقة أن يتعرفوا على سيرة هذا الرجل الذي كان له الفضل بعد الله في تطور العلم والتعليم في منطقتهم؟ أليس من حقهم أن يعرفوا من هو الشيخ الذي أفنى عمره وحياته من أجل النهوض بتعليم منطقتهم؟
لعلي أتسأل كما يتساءل غيري، لماذا لا يتم تكريم مثل هؤلاء في حياتهم كما يكرمون بعد مماتهم؟!
أليس من حق هؤلاء أن يفخروا بمنجزاتهم ويتباهون بها بين أقرانهم، وتكون حكاية جد ومثابرة تُروى لأبنائهم وأحفادهم؟
فهل قامت إحدى الدوائر الحكومية بذكر وتخليد اسمه على إحدى مشاريعها في المنطقة؟ وأخص بالذكر التعليم والإمارة وأمانة المنطقة؟ إما بتسمية شارع باسمه، أو إطلاق قاعة ثقافية أو أدبية باسمه، وكذا الحال للتعليم والنادي الأدبي؟!
حين قرأت عن هذا العلم وجدت أننا بالفعل نفتقد إلى الإحسان لمن أحسن، وأننا أمة نأخذ ولا نعطي! وحين يفارق مثل هؤلاء الحياة، نسعى بل و(نتباكى) على فراقه والتفكير في تكريمه بدرع وشهادة تقدير يتم تسليمها لأحد أبنائه، وتقديم وجبة عشاء فاخر بعد المحفل الكبير الذي يقام على (روح) الفقيد!

سلطانيات:
أكرموهم قبل مماتهم!
@sultanalghamd12