ماذا يريد داود الشريان من فيديو المعلمة ؟!

سلطان السلطان 

قال الله تعالى : " { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

فما أجمل ما ورد في كتاب الله عز وجل في حق العلم والمتعلمين، وما أجملها من هبة من خالق السماوات والأرض، حتى أنه سبحانه لم يساوي بين البشر، بل جعل هناك درجات ليَميز بينهم.

وقال عز من قال:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}، حتى في هذه الآية لا يزال الأمر يشير إلى عدم المساواة في الأعمال بين البشر.

وجاء في الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (( من حق العالم عليك أن لا تكثر عليه السؤال ولاتفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولاتطلبن عثرته وإن ذل قبلت معذرته وعليك أن توقره وتعظمه لله مادام يحفظ أمر الله ولاتجلسن أمامه وإن كانت له حاجة سبقت القوم ).

جميل ما قاله ابن عم رسول الله في حق المعلم، وما أروع أن يتحلى بتلك الصفات من يحترم معلميه، فلا يتنقص منهم، ولا يدور عن زلة لهم، ولا يبحث عن عثرة قد يقع بها البعض منهم، فليس كل إنسان بمعصوم.

في حلقة الشريان داوود قبل أيام وما حصل فيها من تخطئة لإحدى المعلمات، حينما قامت بتصوير طالباتها احتفالاً بتفوقهن، والإبقاء على واحدة دون تكريمها أسوة ببقية زميلاتها، والأمر في ذلك يعود إلى تشجيع المتفوقات منهن، وإظهار المتميزات دون غيرهن؛ لإعطائهن الثقة في أنفسهن، وتشجيعاً وتكريماً لهن؛ لمواصلة تفوقهن، والوصول إلى الدرجات العلا خلال مسيرتهن العلمية.

لكن ما حصل من أخذ هذه الحادثة الفردية، على انه انعكاس كامل فيما يحصل في جميع مدارسنا، ليس بصحيح!

ولكن ليعلم داوود أن مثل هذه الحادثة(العادية) لهو أمر طبيعي جداً، وذلك ما تدعو إليه وزارة التعليم من ضرورة مراعاة(الفروق الفردية)بين الطلاب والطالبات، وهو أمر أساسي في التعليم.

لا أقصد بالأمر الطبيعي هو إهانة أو تهميش أو تحقير الطالب أو الطالبة حين نجد التقصير منهم، لا، ولكن يجب ألا نساويه بالمتفوقين حتى لا نظلم الطالب المجتهد، الذي بذل جهده ووقته وربما ماله في سبيل تحقيق ما يصبو إليه من خلال التعليم.

إلا أنني لا أغفل عن خطأ ارتكبته المعلمة، وجعلته حجة لها لا عليها خصوصاً عند الشريان(الذي جعل من الحبة قبة) ، وهو مسألة التصوير وانتشار المقطع في جميع وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً(الواتس آب) كانتشار النار في الهشيم!

عليّ أذكر الأخ داوود عما يحصل داخل الحقل التعليمي، وأقصد بذلك (المدارس) وما يعانيه المعلم والمعلمة على حد سواء من ضغوطات عملية ونفسية، ولربما يصل للبعض منهم من تهديدات خصوصاً في مجتمع المعلمين!!!

ثم ألا يعلم الشريان، بأن المعلم/ المعلمة هو الوحيد من موظفي الدولة الذي يصرف من(حُر) ماله على طلابه، لجلب الهدايا وغيرها، بل قد يصل الأمر بالبعض منهم إلى تجهيز قاعة الفصل الدراسي ويصرف ألآف الريالات! ووزارة التعليم تُعد ميزانيتها من أكبر ميزانيات الدوائر الحكومية الأخرى!!! ولا صل له من ذلك شيئاً!

فهل جهز داوود استديو برنامجه من ماله الخاص؟ وهل أهدى الآيباد للطالبة التي ظهرت معه في البرنامج من جيبه؟ وهل خسر قيمة(ماء)يقدمه لضيوفه من ماله الخاص؟!!!

قد أجزم تماماً، بأن الجواب على كل ما ذكرته من (استفهامات) يجيبني عليها داوود بقوله:(وش هو له)!

للأسف فبعد أن ضاعت هيبة المعلم، وجدنا الطالب يقارع معلمه، وكأنه صاحباً أوزميلاً له! فقد يهدده ويضع رأسه برأس معلمه!

ولعلي أذكر الأخ الفاضل داوود، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم.فمن أخذه أخذ بحظ وافر)

معلمو اليوم أصبحوا أكثر عرضة للضرب والسب والشتم، حتى أن سيارات معظمهم لم تسلم من عبث هؤلاء، وما أدل من ذلك الحادثة الأخيرة التي حدثت في محافظة جدة، من حرق لسيارة قائد المدرسة وأخرى تبعتها!!!

فما الذي فعلته وزارة التعليم تجاه ذلك؟!

الإداريون خلف مكاتبهم(الفارهة) وتحت مكيفاتهم(الباردة) لا يشعرون بما يتعرض له معلم هذه الأجيال!

فلو كانت الوزارة تأخذ بحق كل معلم ومعلمة، لما تجرأ الطلاب والطالبات من رفع أصواتهم أو مجابهتهم داخل أسوار المدرسة وخارجه، ولما تجرأ الشريان بأخذ زمام المبادرة وإكمال قطع(الشريان) الذي بدأت وزارة التعليم بقطعه، وهو ما بقي للمعلم في مجتمع لايرحم!

لذلك وجب على الوزارة أن تعيد النظر في وضع معلميها ومعلماتها، وإرجاع الصلاحيات التي كان يتمتع بها المعلم سابقاً خصوصاً (الدرجات)؛ لتعيد له هيبته(المسلوبة)، ولتحافظ على بيئتها لتجعلها (جاذبة) لا (طاردة)! وللأسف فقد وصل عدد من طلب التقاعد من الجنسين حتى كتابة هذه الأسطر ما يربو عن عشرين ألف معلم ومعلمة!

أمر خطير أن يصل عدد المطالبين بما ذكرته، خصوصاً إذا علمنا أن جُلّ المطالبين بذلك من فئة التقاعد(المبكر)!

سلطانيات:

وزارة التعليم أعيدي النظر.

@sultanalghamd12