رحلتي إلى غرب إفريقيا مع رابطة العالم الإسلامي(2)

أ.د. أحمد محمود عيساوي
مشاهدات وتنبيهات – الحلقة 2 في فاس وداكار –
* في مهرجان الشعر بفاس:
كما كان من أفضال الله عليَّ أن وجدت فسحة للاسترخاء والمتعة بين ملتقيين علميين دينيين بالاستئناس والسكينة في مهرجان مدينة فاس الشعري السادس وفي أحضان دارة الشعر المغربي الذي انعقد أيام 17-18/جمادى الآخرة/1437هـ الموافق 27-28/مارس/2016م، الذي ضم لفيفا معتبرا من الأدباء والنقاد والشعراء ومحبي ومستمعي الشعر والنقد من العالم العربي، حيث مثَّلَ المملكة العربية السعودية الشاعران القديران (أحمد قران الزهراني) و (عبد الله الغريب)، و مثَّلَ الجزائر الشاعر المتميز (عمار مرياش) بديوانه الجميل جدا (لا يا أستاذ) وكاتب هذه السطور كضيف بتدخلاته وتساؤلاته النقدية، ومُثِّلَ العراق بمثقفين أكراد يكتبون باللغة العربية، وعُززوا بنائب وزير من حكومة كردستان العراق وفريق من النقاد والشعراء وميزه الحضور المتميز للمستشار الأول في السفارة العراقية بالرباط، وما يمكن تسجيله من مشاهدات تستحق التنبيه الآتي:
1 – اصطباغ وتلون وتخفي النشاط السياسي تحت غطاءات المهرجانات الشعرية والأدبية والنقدية، وهو ما يسمى عند السياسيين والمثقفين بـ (السياسة الثقافية)، أو بـ (تسييس الثقافة)، وهو الذي تنأى عنه الجزائر خلال نشاطاتها وفعالياتها ومهرجاناتها الثقافية، حيث الثقافة هي لخدمة الثقافة فقط.
2 – ضرورة معرفة الأبعاد السياسية للحضور الكردي في المملكة المغربية تحت مظلة الشعر والمهرجان الشعري.
3 – الحرص على التمثيل العربي المتوازن لكسب تأييد المهرجان ذي التوجهين السياسيين المتوازيين المغربي والكردي، وتفاعلات وتداعيات ذلك على واقع منطقتنا العربية والإسلامية عموما والمغاربية خصوصا. وحضور شعراء من أغلب الدول العربية بما فيها فلسطين للتغطية على الأهداف الحقيقية للمهرجان.
4 – ملاحظة الحضور الكردي السياسي الفاعل والمتواري بثوب العربية والشعر والنقد العربي لخدمة القضية الكردية أساسا، وركوب وتسخير مطية الشعر العربي كبوابة انفتاح للتبشير بالقضية الكردية.
5 – عرض مطالب القضية الكردية من خلال قصائد الشاعرة (خالدة خليل) والشاعر الناقد الدكتور (أديب جنكي)، مع قراءة مترجمات شعرية كردية تعبر عن المشترك الإنساني عموما، والكردي خصوصا.
6 – حرص الوفد العراقي على المطالبة بحق الأكراد في حق تقرير المصير الذي حرموا منه منذ اتفاقية معركة (جالديران 1534م) بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية، القاضي بتقسيم شبه الهضبة الكردية بين الدولتين، إلى آخر اتفاقية (سايكس بيكو) التي اضطهدت الأكراد وحرمتهم حقهم في تقرير المصير وإنشاء دولتهم المستقلة والموحدة.
7 – لباقة ودبلوماسية إخواننا الأكراد في التمهيد والتعريف بقضيتهم، حيث يعتبرون أنهم مظلومون كإخوانهم العرب من اتفاقية (سايكس بيكو)، وأن إخوانهم العرب لم يكونوا يوما طرفا في اضطهادهم، ومن الواجب مساعدتهم، لأنهم ليسوا المتسببين في مأساتهم.
8 – حرص الوفد العراقي الأدبي والسياسي والدبلوماسي على التأكيد على نصاعة تاريخ الأكراد – وهذا صحيح جدا- وانخراطهم في تسجيل البطولات والروائع في التاريخ الإسلامي من خلال دولة (الأتابكة : نور الدين محمود زنكي، وعماد الدين زنكي)، ودولة (الأيوبيين: صلاح الدين الأيوبي وأبناؤه)، وغياب مثل هذه الأطر الجامعة اليوم التي يمكنهم الدخول تحت مظلتها والعمل في إطارها، ما جعلهم يفضلون الحل الانفصالي.
9 – حدوث مشاكسات شعرية ومعاكسات نقدية وتشويشات مهرجانية في فضاء القراءات المعبرة عن وجهة النظر الحقيقية والدافعة لحضور المهرجان. ومحدودية زبائن ومحبي الشعر والنقد.
10 – تباين وعمق وجاذبية وشاعرية القراءات النقدية لدواوين الشاعرة العراقية (خالدة خليل)، وتبنيها للمناهج النقدية التأثرية والجمالية، دون التركيز على القضايا المصيرية الكبرى للأمة العربية والإسلامية وعلى العراق بالذات كونه في حالة بحث عن هويته الضائعة بين ركام الطائفية، والاكتفاء بظواهر الأدب التقليدية: الحزن والبكاء والألم والمعاناة والقهر والخوف والغياب والحضور..
* في ملتقى داكار حول التنمية والاستقرار:
وكانت المحطة الثالثة والأخيرة في داكار التي تعتبر بوابة ومِحْرارُ غرب إفريقيا، حيث يحيط بها شمالا موريتانيا وشرقا مالي وجنوبا غينيا بيساو وفي الجنوب الشرقي غينيا كوناكري وتضم وسطها دولة غامبيا، وهي دولة مستقرة وآمنة وديمقراطية، تعتمد على نظام تحَكُّمِ الأسر الدينية في اختيار القادة والوزراء والمسؤولين. وقادة الأسر الدينية أشبه بشيوخ الزوايا في بلادنا، حيث لا يستطيع الرئيس فعل أي شيء إلاّ باتباعه لسياسة الموازنات بين مكوني الشعب السنغالي، والذي تتوزعه طريقتان وأسرتان كبيرتان هما (الموريدية والقادرية) فضلا عن (التيجانية) في المقام الثالث، ولغتهم الرسمية الفرنسية التي تجاورها بعض اللهجات المحلية الكثيرة الاستعمال، وهم مسلمون أشاعرة العقيدة ومالكية المذهب ويميلون لشيء من التصوف المخلوط بنكهة الرواسب المحلية، وعملتها الفرنك السنيغالي وهي عملة الدول المجاورة لها، حيث يعادل الواحد أورو ستمائة وخمسين فرنكا سنغاليا، ونسبة التضخم فيها عالية جدا، واضطررت لصرف مبلغ عشرة أورو لشراء شريحة هاتف (أورنج) لأتصل بممثل الرابطة بعد أن أحاط بي سيل من اللصوص الشباب، الذين يتقنون أفانين اللصوصية والمكر.
وبها مركز كبير لرابطة العالم الإسلامي يديره الشيخ (إسماعيل ديم) ممثل الرابطة، وتصنف جامعاتها تحت مصاف الجامعات الفرنسية، ويستطيع خريجوها العمل في فرنسا، وهي مرتبطة لغويا وثقافيا ومدنيا بفرنسا الأم، وقد حضرتُ فيها ملتقى الرابطة في منتجع (الملك فهد السياحي) على المحيط الأطلسي، ولهذا دلالاته التحليلية العديدة، حيث حضرنا أشغال الملتقى على أرض ومستثمرة سعودية، وأن ممثل الحكومة وزير العدل الذي شارك في افتتاح المؤتمر علماني الثقافة والتوجه، وقد حضر منذ أسابيع حفل زواج (مثليين) خارج العاصمة داكار وضُرب ولوحق حتى كاد يتعرض للموت، وقد أخبرتُ الإخوة السعوديين عن هذه المسألة، وقد عُوِّضَ في حفل الاختتام بوزير متدين يحفظ القرآن والمنظومات الدينية، وما أمكنني تسجيله الآتي:
1 – أصالة وعراقة أسرها الدينية وقادتهم الدينيين، وتمسكهم بثوابتهم ورموزهم الدينية الموروثة عن الآباء والأجداد. وهم شعوب وقبائل غير قابلة للاختراق أو إعادة التطويع دينيا أو ثقافيا، والمتأغرب منهم متدين بطريقتهم التقليدية.
2 – أنهم مجتمعات قبلية وإثنية تتحكم فيهم موروثاتهم الدينية والتاريخية والاجتماعية، وتدير فيهم سائر المشاهد الحياتية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية..
3 – ينتشر فيهم الفقر والبطالة بشكل ملحوظ، وتكثر فيهم الآفات والجرائم، ومطارهم محاط بالمئات من الشباب العاطل عن العمل والمتخصص في فنون النصب والاحتيال على القادمين جوا.
4 – شعب يجسد التبعية والقابلية للاستعمار، فهم مولعون بمماثلة الأنموذج الأوربي والفرنسي خصوصا.
5 – انتشار موجة من الانحلال والإباحية والميوعة.. وتوسع السياحة الجنسية بين النموذجين الشاذين (الأوروبية البيضاء الكبيرة في السن+ الأفريقي الأسود الشاب اليافع)، أو (الأوربي الأبيض الكبير+ الأفريقية السوداء الشابة).
6 – وما يؤسف له أن الأفارقة الذين التقيناهم ينظرون إلى الإخوة السعوديين كأصحاب مال فقط، وقد صارحني الكثير منهم بذلك، وقالوا لي: لا نريد منهم سوى المال والاستثمارات، وسيصير حالهم مع إفريقيا كحال الجزائر معهم منذ عهد الراحل (هواري بومدين) وحال الراحل ( معمر القذافي). أم أن تجربة المملكة العربية السعودية سيكون لها طعم آخر لاسيما إن كانت بنكهة الدين الإسلامي، والأيام كفيلة بتبيين ذلك.
* باحث وأكاديمي جزائري وعضو عامل في رابطة الأدب الإسلامي العالمية
أمانة جدة تستضيف ركنًا توعويًا بالشراكة مع مجمع إرادة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات ..... المزيد
وزير الصحة يدشن مشروع الروبوت الجراحي في مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة المكرمة ..... المزيد
إنفاذاً لتوجيهات الملك وولي العهد..وصول التوأم السيامي الصومالي إلى الرياض لدراسة امكانية فصلهما ..... المزيد
جمعية عين لطب العيون تستعد لاطلاق الاسبوع العالمي للجلوكوما ..... المزيد
ضياء: الإكثار من الماء أثناء السحور قد يرهق الكلى ويمهد لانخفاض “الصوديوم” ..... المزيد
صندوق النقد يشيد بمتانة اقتصادنا
طلعت حافظالاعتراف بإسرائيل حقيقة أم وهم؟!
خالد المالكماجد السلمي مديرًا للإعلام الرقمي وأخصائيًا إعلاميًا بخبرة تمتد لأكثر من 15 عامًا ..... المزيد
ضمن جهودها في التصدي للأنشطة العشوائية أمانة جدة تُغلق 10 محالّ مخالفة في نطاق الجنوب ..... المزيد
في ليلة وطنية وعائلية في رياض العِز ..... المزيد
ليلة وطن بتكريم خدّام الوطن ..... المزيد
انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة ” أفرح حافظا ” بتنظيم جمعية هدى بشرق مكة ..... المزيد
شاركنا بتعليق
لا يوجد تعليقات بعد