يوم التسامح الدولي 2023م في فلسطين

محمد النوفلي الحارثي

يحتفل العالم كل سنة في 16 نوفمبر باليوم العالمي للتسامح وكلنا في المملكة العربية السعودية حكاما ومواطنين نسعى لنستمسك بخلق التسامح العظيم وندعو إليه وننشره في بيوتنا ومجتمعنا قدوتنا في ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي بعث بالحنيفيّة السمحة ؛ وفي القرآن والسنة العديد من النصوص التي تحث وتؤكد على التسامح مع المسلمين والناس أجمعين ومنها قوله تعالى “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ” والمتأمل في هذه الآية يتبين له أن الله تعالى لا يريد التعامل مع غير المسلمين الذي لم يخرجونا من ديارنا ولم يقاتلونا بالعفو والصفح فقط بل قال عز وجل ” أن تبروهم ) استخدم كلمة ” البر” والبر هو أعلى مراتب العدل وحسن الخلق ، وهذه الكلمة دائما ما تأتي في الكتاب والسنة مرتبطة بالإيمان بالله واليوم الآخر وبر الآباء والأمهات وذوي القربى والإنفاق من خير ما يحب المسلم ..؛ ونحن هنا في السعودية نتخذ هذا الخلق سلوكا نتعامل به مع الآخرين منذ أن تأسست هذه البلاد وحتى اليوم وقد أكد هذا المبدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عندما قال ” نحن نعود إلى الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم .. نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة..”

وكانت آخر آخبار اليوم الدولي للتسامح 2023م هو ماقامت به بعض الجامعات وإدارات التعليم في المملكة العربية السعودية من برامج متنوعة للاحتفاء بهذا اليوم

جميل جدا أن يكون هناك يوم للتسامح في السنة نتذكر فيه التسامح وننشره في مجتماعتنا لكن الذي لا يمكن أن يقبله العقل ولا الفطرة الإنسانية والبشرية بأن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرهم من الغربيين الذين أيدوا ما يقوم به الصهاينة اليوم من إبادة جماعية في فلسطين هم أنفسهم الذين وقعوا كأعضاء يلتزمون بمباديء منظمة الأمم المتحدة التي تدعو إلى حفظ الأمن والسلم العالمي وهم أنفسهم الذين وقعوا على مبادئ الاحتفال باليوم الدولي للتسامح عندما دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء منذ عشرين سنة ونيف ، فقد اتفقت الجمعية مع الأعضاء على مبادئ التسامح ومنها: أن التسامح هو احترام وتقدير .. والتسامح يعترف بحقوق الإنسان العالمية وبالحريات الأساسية للآخرين ، وهو ليس واجب أخلاقي فقط بل هو واجب سياسي وقانوني .. وهو الفضيلة التي تنشر قيم السلام وثقافته محل ثقافة الحرب ؛ هذه المباديء للتسامح وافقت عليها إسرائل من معها من الغربيين الذين أيدوا العدوان الإسرائيلي الهمجي على الفلسطينيين في غزة

وليسمح لي القاريء الكريم أن أبين بعضا من تسامح العرب والمسلمين وما يفعله اليوم الذين وافقوا على الاحتفال باليوم الدولي للتسامح والدعوة إليه ثمّ يؤيدون الإبادة الجماعية في فلسطين .

التسامح والتعايش الإنساني الإسلامي يظهرفي أجمل وأعظم صوره في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يرسم طريق التعايش والتسامح بين النّاس ؛ ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره أن غلامًا يهوديًا مرض فزاره الرسول صلى الله عليه وسلم لينقذه من النار وهكذا سار ملايين المسلمين على خطاه في مشارق الأرض ومغاربها حتى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هذه أخلاق المسلمين والعرب أمّا أخلاق الصهاينة اليهود بتأييد من أمريكا وأغلب قادة الغرب تظهر في قصف المستشفيات وهدمهاعلى رؤوس المرضى الفلسطينين في غزة ولا يكتفون بهذا بل يمنعون عنهم الطعام والشراب ويقطعون الكهرباء ويفجرون مستودعات الأدوية ليحرمونهم حتى من الدواء ،ويخربون المستشفيات ليموت المرضى والأطفال والأبرياء بعد إن توقفت مستشفياتهم عن العمل وقد استعرضت الحروب في التاريخ البعيد والقريب فلم أجد جريمة حرب مثل التي ترتكب اليوم في فلسطين.

في يوم التسامح الدولي نتذكر فتح مكة عندما دخلها الرسول صلى الله عليه وسلم منتصرا على المشركين فلم يتكبر ويظلم بل عفى عن بعض كفار قريش وأطلق سراحهم ولم يسترقّهم وكذلك الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من المسلمين تخلقوا بهذا الخلق العظيم من مدرسة التسامح المحمّدية.. هذا هو تسامح العرب والمسلمين أمّا تسامح الصهاينة المحتلّين ومن أيدهم فتسامحهم حبر على ورق في أروقة الأمم المتحدة فقط أمّا في حربهم الهمجية على غزة لم يكتفوا بإبادة الآلاف وهدم البيوت على رؤوس النساء والأطفال بل دخلوا المستشفيات واعتقلوا المساكين الذي لجئوا إليها بحثا عن مأوى آمن بعد أن فجر الصهاينة بيوتهم على رؤوس أهاليهم.

في حروب المسلمين نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والأطفال وكبار السن وتوعد من يفعل ذلك هذه هي أخلاقنا ؛ أمّا أخلاق الصهاينة في فلسطين اليوم فهي في قتل الأطفال والنساء فقد بلغ عدد قتلى الأطفال أكثر من أربعة آلاف وستمائة طفل ولم يقف مجرمو الحرب عند هذا الحد بل ينادون ب (هولوكوست ) ثانية لإحراق جميع الفلسطينين كما جاء على لسان وزير التراث في الحكومة الصهيونية مطالبًا بإسقاط قنبلة نووية على غزة لإبادة الفلسطينيين إبادة جماعية..؛ وما تخفي صدورهم أكبر .

التسامح لدى هؤلاء في هذه الحرب الهمجيّة التي خالفت كل الأعراف والقوانين والقيم هو مع ما يسمى ” حزب الله ” الذي قتل عددا من اليهود وتسامح معه الصهاينة ؛ وحذرت أمريكا “إسرائيل” من استفزاز هذا الحزب والتصعيد معه لا لخوفهم من توسيع الحرب كما يزعمون فهم قد دخلوا الأجواء اللبنانية بطائراتهم ولم يتوسع شيء وإنما لأن مثل هذه الأحزاب الشيطانية تخدم مصالحهم في المنطقة .
لن يكون هناك تسامح حقيقي في العالم إلا إذا أخذناه من القرآن وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرنا المظلومين في فلسطين ” وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”