عناوين الأخبار

الشعوبية التاريخية و المعاصرة من منظور نقدي إسلامى 1

الأثنين 28 جمادى الآخرة 1438هـ 27-3-2017م       -       05:49:40 ص
الشعوبية التاريخية و المعاصرة من منظور نقدي إسلامى 1

د.صبري محمد خليل 

تعريف منهجي للشعوبية:

ا/ معارضه التطور الاجتماعي : الشعوبية هي محاولة الارتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزء من  أمة ، إلى الطور الشعوبي السابق على الطور القومي" طور الأمة " ، هذا التعريف يستند إلى تصور منهجي مضمونه أن الناس ينتمون إلى وحدات  تكوين اجتماعي متعددة في المكان ، وهي ذات أطوار التكوين الاجتماعي ، وهي نامية خلال الزمان- وقد أشار القران الكريم إليها أو إلى معايير الانتماء إليها  وهي : الأسرة قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } ، ثم العشيرة قال تعالى{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } ، ثم القبيلة فالشعب قال تعالى {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }، ثم الأمة التي مناط الانتماء إليها : أولا: اللسان لا النسب قال الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ( ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)؛  ثانيا:الأرض الخاصة (اى الديار بتعبير القران ) قال تعالى :{ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} …ثم العالمية.

ب/ إنكار علاقة الانتماء العربية : و طبقا لهذا التعريف فإنّ الشعوبية موجودة في كل أمم الأرض ، وهى تقوم في الأمة العربية المسلمة  ، على إنكار علاقه الانتماء العربية كعلاقة انتماء قومية إلى أمة معينة هي الأمة العربية، التي أوجدها الإسلام كأمة واحدة،  بعد أن كانت قبله قبائل وشعوب متفرقة، فعلاقة الانتماء العربية ذات مضمون حضاري لساني" لغوى" – وليس عرقي –

ج / مناهضة الإسلام : كما تقوم الشعوبية في الأمة العربية المسلمة على الدعوة إلى إلغاء أربعة عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الفتح الإسلامى، فهي – موضوعيا- مناهضة للإسلام- وبصرف النظر عن النوايا- الذاتية- لأنصارها.

د/ الفشل : والشعوبية  فاشلة في تحقيق غايتها ، وهى الارتداد إلى الطور الشعوبي، لأنه لا يمكن إلغاء التطور الاجتماعي، و العودة إلى طور تكوين اجتماعي سابق، ولكنها تساهم في تخريب الوجود القومي، وتعويق التطور الاجتماعي"الوطني والقومي".

أنماط الشعوبية: وللشعوبية نمطين هما:

أولا: الشعوبية التاريخية "الفارسية": فهناك أولا الشعوبية  التاريخية التي لازم ظهورها ظروف تاريخية معينة،  تتمثل في أنّه عندما ظهر الإسلام  كان الفرس في طور الشعب ، بينما كان العرب في قلب الجزيرة في طور القبائل- سيرتقى  بهم الإسلام لاحقا  إلى طور أمة – ثم حمل العرب الإسلام إلى الفرس ليرتقي بهم إلى أمة "مسلمة"، غير أن هناك من يرفض هذا الارتقاء، كما كان يستعلى على العرب حملة الإسلام ، فكانت الشعوبية الفارسية مناهضة للإسلام والعرب معا.يقول ابن قتيبة :" وبلغني أن رجلا من العجم  احتج بقول الله تعالى "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وقال الشعوب من العجم والقبائل من العرب والمقدم أفضل من المؤخر ، وكنت أرى أهل التسوية يحتجون بهذه الآية" ،ويقول أيضا :" إن الشعوبية بفرط الحسد ووغر الصدر تدفع العرب عن كل فضيلة ، وتلحق بهم كل رذيلة ، وتغلو في القول في الذم ،وتبهت بالكذب ،وتكابر العيان وتكاد تكفر، ثم يمنعها خوف السيف"  ويقول البغدادي :"الشعوبية الذين يرون تفضيل العجم على العرب ويتمنون عودة الملك إلى العجم" . ويقول ابن منظور : " الشعوبية فرقة لا تفضل العرب على العجم ،وإنما تنتقض العرب ولا ترى لهم فضلا على غيرهم" , وقد طعن الشعوبية في العرب، فعابوا حضور بديهتهم وفصاحة خطبهم وبلاغتهم … وسخروا من آلاتهم وأساليبهم في الحرب وخططهم في القتال وسخفوا عيشهم ومطاعمهم ومآكلهم، ووصفوهم بالتأخر في العلم والصناعة والإدارة والسياسة، كما ألفوا كتب ، فيونس أبي فروه كتب كتابا في مثالب العرب وعيوب الإسلام، وعلان الشعوبي صنف كتاب الميدان في المثالب هتك فيه العرب وأظهر مثالبها، وأبو عبيده ألف كتاب أدعياء العرب، وكتاب لصوص العرب).

مظاهر الشعوبية الفارسية في المرحلة الراهنة استعمار إقليمي يحقق غايات الإمبريالية والصهيونية: ورغم أن هذه الشعوبية التاريخية خفتت في مراحل تالية ، إلا أنها استمرت في الظهور عبر تاريخ إيران، رغم تغيير الأنظمه السياسية الإيرانية، أخذة في المرحلة الراهنة مظاهر متعددة ومنها: احتلال إيران لإقليم الأحواز العربي، ومحاولتها إلغاء هويته العربية، واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث" أبو موسى و
طنب الكبرى وطنب الصغرى، وانتهاكها للسيادة الوطنية للعديد من الدول العربية ، بتدخلها المباشر وغير المباشر في شئونها الداخلية ، بحجه حماية الأقليات الشيعية فيها ، وتأجيجها للطائفية في المنطقة العربية، ومحاولتها نشر المذهب الشيعي في الدول العربية.. لتشكل هذه المظاهر للشعوبية  الفارسية في المرحلة الراهنة شكل من أشكال الاستعمار" الإقليمى" لأجزاء من الأمه العربية، والذي يحقق – فعليا- غايات الاستعمار الجديد " الامبريالي" والاستيطاني "الصهيوني" في المنطقة العربية، بصرف النظر عن الشعارات- النظرية – التي يرفعها النظام الإيراني، وبهذا فإن شعوبية النظام الإيراني تشكل عائق أساسى يحول دون تحقيق أى شكل من أشكال التضامن أو الوحدة بين الأمتين المسلمتين الإيرانية والعربية،في مواجهه الكيان الصهيوني والامبريالية الأمريكية، اللذين يرفع النظام الإيراني شعار معاداتهم .

شعوبيات تاريخيه أخرى: غير أن هذه الشعوبية التاريخية لم تكن مقصورة على بعض الفرس، بل كان منها بعض من ينتمون إلى الشعوب العريقة التي ارتقى بها الإسلام إلى طور أمة عربية كالنبط … 

ثانيا : الشعوبية المعاصرة "الاجتماعية" : وهناك ثانيا الشعوبية المعاصرة ، التي لازم ظهورها ظروف اجتماعيه معينه، تتمثل في محاولة الارتداد بالجماعة التي دخلت طور أمة إلى طور الشعوب السابق، وطبقا لهذا المفهوم فإن الشعوبية موجودة في كل أمم الأرض ، وهى تقوم في الأمة العربية المسلمة  ،على الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الاسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب العريقة كالقبط والفراعنة في مصر، والأكراد في العراق، والفينيقيين في الشام، و النوبة في السودان، والأمازيغ في المغرب العربي… الخ، فأنصار الشعوبية طبقا للمفهوم الاجتماعي فى الأمة العربية المسلمة إذا يعتبرون أن العرب ما يزالوا منذ ثلاثة عشر  قرنا من التاريخ أو أكثر مغتصبا لما كان أجدادهم يملكون .

أسباب ظهور الشعوبية المعاصرة فى الأمه العربية: وهناك عده أسباب متفاعلة أدت إلى ظهور الشعوبية المعاصرة "الاجتماعية" في الامه العربية منها:

ا/ تخلف النمو الاجتماعي والحضاري : السبب الأساس لظهور الشعوبية  هو محاولة الناس البحث عن حل لمشاكلهم ، من خلال علاقات أضيق من الأمة "التي حال عوامل معينه “تخلف النمو الاجتماعي والحضاري”، دون  أن تبرز كطور يمكن للناس من خلاله حل مشاكلهم"، أو الوطن"الذي حالت عوامل معينه دون أن يكون بالنسبة للقبائل الشعوب التي يضمها، بمثابة الكل للجزء ، يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه".

ب/ الاستعمار القديم: كما عمل الاستعمار القديم" (البريطاني، الفرنسي، الايطالي..)على تجزئة الامة العربية المسلمة ( اتفاقيه سيكس  – بيكو)، مما مهد الطريق أمام  الشعوبية  المعاصرة ،فالشعوبية هنا تشكل الأساس الفكري لتجزئة الأمة العربية المسلمة، لأنها تقوم على الدعوة إلى عوده العرب إلى الشعوب السابقة على طور الأمة.

ج/مشروع الشرق الأوسط الجديد "الامبريالي الصهيوني": كما ساهم في إحياء الشعوبية في المنطقة العربية في المرحلة الراهنة مشروع الشرق الأوسط الجديد الامبريالي الصهيوني، الذي بدأ تنفيذه بعد وفاه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر 1970 ،وتولى السادات الحكم بعده، وارتداده عن سياساته المعبرة عن الإرادة الشعبية العربية ،تنبيه لسياسات نقيضة بدعم من الغرب بقياده الولايات المتحدة الأمريكية ، والذي يهدف إلى تفتيت الأمة العربية إلى دويلات طائفيه،مع ضمان بقاء إسرائيل كحارس لهذا التفتيت.

د/ دور الكيان الصهيوني (الموساد ومراكز الأبحاث الإسرائيلية): وفى هذا السياق فقد أثبت اكتشاف شبكات التجسس الإسرائيلية في العديد من الدول العربية ، استهداف إسرائيل للأمن القومي العربي بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية… ويضاف إلى هذا كله مجموعة ضخمة من مراكز الدراسات والأبحاث، التي تساهم هي أيضًا في أعمال التجسس والتخريب والتشجيع على الانقسامات والفتن داخل العالمين العربي والإسلامي… وتعتمد الموساد ومراكز الأبحاث المشار إليها على مجموعة من النظريات والمخططات ،التي ترمي في آخر المطاف إلى تفتيت المجتمعات العربية ، عبر إثارة الفتن وتأجيج حالات التمرد والعصيان والتنازع، وذلك من خلال الاستعانة بالجماعات الإتنية والطائفية والمذهبية التي تعيش حالات من التذمر والغضب والنزوع نحو الانفصال والتقسيم.

 هـ/ رد فعل على مذهب العصبية القبلية العربية"الاعرابية"  :في أحيان أخرى ظهرت الشعوبية كرد فعل ” متطرف” على  مذهب العصبية القبلية العربية "الاعرابية "، وهو المذهب الذي يرى أن العرب الحاليين- أى العرب كأمة – هم سلاله عرقية لعرب الجاهلية، ووجه الخطأ في هذا المذهب لا يكمن في إقراره – على المستوى الأسرى أو العشائري أو القبلي –  بوجود جماعات  عربيه ،يمكن اعتبارها سلاله عرقيه لعرب الجاهلية، ولكن يكمن في أنه يفهم العروبة – على المستوى القومي أى كعلاقة انتماء إلى آمة – على أساس عرقي وليس لغوي حضاري  ومرجع ذلك انه يخلط بين العرب في الطور القبلي( ما يقابل الأعراب في القرآن)، والعرب في طور الأمة ، حيث أن مناط الانتماء في الطور الأول النسب، بينما مناط الانتماء في الطور الثاني اللسان.كما انه بخلط بين معيار الانتماء الاسرى والعشائري و القبلي (العنصر) ومعيار الانتماء القومي(اللسان)، فهو يتجاهل التطور خلال الزمان. ويترتب على هذا إنكاره لحقيقة اختلاط اغلب الجماعات القبلية ذات الأصول العربية بالجماعات القبلية والشعوبية ذات الأصول غير العربية، وهو ما يعنى استناده لأسطورة النقاء العرقي، التي تتعارض مع حقيقة أنه لم يوجد جنس لم يختلط بغيره مطلقا . وهذا المذهب يتعارض مع تقرير الإسلام أن العروبة لسان وليس عرق ، قال الرسول(صلى الله عليه وسلم) (إنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي)، وإذا كان بعض العلماء قد قال أن هذا الحديث  ضعيف، فان الإمام ابن تيميه يقرر أن ذلك  لا ينفى أن معناه صحيح من بعض الوجوه، حيث يقول  ( … وهذا الحديث ضعيف، لكنَّ معناه ليس ببعيد. بل هوَ صحيح من بعض الوجوه. ولهذا كان المسلمون المتقدموَن لما سكنوَا أرض الشام ومصر ولغة أهلها رومية وقبطيةْ وَأرض العِرَاق وخُرُاسان ولغَة أهلها فارسية. وأرض المغرب ولغة أهلها بربرية، عَودوا أهلَ هذه البلاد العربيةَ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم).فضلا عن نهى الإسلام عن العصبية بأشكالها المختلفة.

و/مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي :  كما ساهم في  إحياء الشعوبية مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ، القائم على افتراضين خاطئين :

الأول : هو أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو افتراض  يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام كدين لوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة وهى :الأسرة كما في قوله تعالى: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة"، وقوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } والعشيرة كما فى قوله تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }.والقبيلة والشعب كما في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }. والأمة التي مناط الانتماء إليها هو اللسان وليس النسب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)، كما تتميز باستقرار الجماعات في الأرض، فتكون ديارها، قال تعالى : {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }.

الافتراض الثاني : أن الإسلام ينكر علاقات الانتماء الى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي وهو ما يتعارض مع إقرار الإسلام كدين لعلاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ( ومنها علاقة الانتماء القومية …) ومن أدله ذلك : قال تعالى" وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ " ، وفى السنة النبوية ورد في الحديث سأل واثلة قال: يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال : " لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم" .؛ فالجماعات التي تنسب نفسها للإسلام وتتبنى مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ، ترتب على إقرار علاقة الانتماء الإسلامية إنكار علاقة الانتماء العربية كما ترتب على السعي لتحقيق الوحدة الإسلامية رفض الوحدة العربية، بينما لا يمكن تحقيق الأولى بدون الأخيرة ، ويلزم من هذا أن هذه الجماعات تساهم فى تأجيج النزعات الشعوبية ، وتعميق الانقسام بين الشعوب العربية – بقصد في بعض الحالات، وبدون قصد في حالات أخرى.

مناهضه  الشعوبية للإسلام وأدلتها التفصيلية : كما  سبق  ذكره فإن الشعوبية تقوم في الأمة العربية المسلمة على الدعوة إلى إلغاء أربعة عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الفتح الإسلامي، فهي – موضوعيا- مناهضة للإسلام- وبصرف النظر عن النوايا- الذاتية- لأنصارها،وفيما يلى نورد أدله تفصيلية على هذه المناهضة:

تلازم العروبة والإسلام ومظاهره: من أدله مناهضة الشعوبية للإسلام أن مضمونها إنكار علاقة الانتماء العربية ، بينما العلاقة بين العروبة والإسلام هي علاقة تلازم وارتباط، قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –  : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً " ،ويترتب على هذا بطلان المذاهب التي تجعل العلاقة بينهما علاقة إلغاء وتناقض، كالمذاهب التي تناهض الإسلام بالعروبة؛ كالمذهب العلماني"الليبرالي" في  القومية، والمذاهب التي تناهض العروبة بالإسلام؛ كالشعوبية ومذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي..

 ومن مظاهر هذه العلاقة "التلازمية  :

ا/قاعدة عروبة القرآن الكريم  وتطبيقاتها: نزول القران الكريم باللغة العربية، وما يترتب على ذلك  من وصفه بأنه عربي ” فهو قرآن – لسان عربي” ،مع كون المخاطب به كل الناس،  وقد وردت الاشاره إلى هذه القاعدة في  القران الكريم كما في  قوله تعالى " وإنه لتنزيل رب العالمين, نزل به الروح الأمين, على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين". كما وردت الإشارة إليها في السنة النبوية: كما في الحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم ): (أحبوا العرب لثلاث لأني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي) .اتساقا مع هذا وردت الإشارة إليها في أقوال السلف الصالح: كتب عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-  إلى أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – : " أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي".كما وردت الإشارة إليها في أقوال علماء أهل السنة: قال  الإمام ابن القيم : " وقد أنزل الله بها أشرف كتبه ومدحه بلسان عربي، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لسان أهل الجنة عربي".

ويترتب على قاعدة عروبة القران الكريم العديد من القواعد، التي هي بمثابة تطبيق لها:

1/تعلم اللغة العربية من الدين:  من هذه القواعد التطبيقية أنّ تعلم اللغة العربية من الدين ، قال عمر بن الخطاب-  رضي الله عنه- : " تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم" .

2/العلم باللغة العربية شرط لتفسير القران الكريم : ومن هذه القواعد التطبيقية أن العلم باللغة العربية شرط من شروط تفسير القران الكريم ، قال مجاهد : " لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر , أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب" ،وقال الإمام مالك: "لا أوتى برجل غير عالم بلغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالاً "  .

ب/أن  العلاقة بين الإسلام والعروبة علاقة تحديد وتكامل- وليس إلغاء وتناقض- : أي أنّ الإسلام كدين وعلاقة انتماء ديني إلى أمه التكليف ” الأمة الإسلامية ” ذات  المضمون الديني – الحضاري) يحدد  العروبة ( كعلاقة انتماء قومي إلى أمه التكوين “الأمة العربية ” ذات المضمون اللساني – الحضاري) كما يحدد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه  .

ج/أن الإسلام يشكل الهيكل الحضاري للامه العربية .

يتبع 

*أستاذ فلسفة القيم الإسلامية في جامعه الخرطوم

يمكنك الوصول للخبر بسهولة عن طريق الرابط المختصر التالي:
https://alssehafi.org/?p=11621

شاركنا بتعليق








لا يوجد تعليقات بعد



 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة ..... المزيد

 المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات

المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات ..... المزيد

 ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم

ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم ..... المزيد

 “الصحة”تطلق حملة التحصين التكميلية للحصبة والحصبة الالمانية والنكاف

“الصحة”تطلق حملة التحصين التكميلية للحصبة والحصبة الالمانية والنكاف ..... المزيد

 سبل والصحة يوقعان اتفاقية على هامش ملتقى الصحة العالمي 2024

سبل والصحة يوقعان اتفاقية على هامش ملتقى الصحة العالمي 2024 ..... المزيد

 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل

البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل ..... المزيد

 التعليم: لا علاقة للعلاوة السنوية بالرخصة المهنية

التعليم: لا علاقة للعلاوة السنوية بالرخصة المهنية ..... المزيد

 ضبط 3.6 طن من الثوم المخالف في نطاق بلدية بريمان بجدة

ضبط 3.6 طن من الثوم المخالف في نطاق بلدية بريمان بجدة ..... المزيد

 البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية

البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية ..... المزيد

 أمانة جدة تزيل 34 مظلة مخالفة ضمن حملة ميدانية لتصحيح المشهد الحضري”

أمانة جدة تزيل 34 مظلة مخالفة ضمن حملة ميدانية لتصحيح المشهد الحضري” ..... المزيد

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com