عناوين الأخبار

التخصص العلمي

السبت 9 ربيع الثاني 1438هـ 7-1-2017م       -       01:01:25 ص
التخصص العلمي

الدكتور / أحمد محمود عيساوي

إن أهم وأخطر ما يُطيح بمكانة الجامعة الجزائرية ويجعلها في ذلك التصنيف المُشين بالرغم من ضخامة الأغلفة والإمكانات والموارد والهياكل، وما يؤخرها  عن لعب وظيفتها الحقيقية، والقيام بدورها الحضاري المنوط بها رساليا وحضاريا، هو: عدم إيلاء مكانة وقيمة ودور وأثر وفاعلية التخصص العلمي الدقيق في سائر ممارساتها القانونية والتربوية والتعليمية والتكوينية والثقافية والأدبية النظرية والعملية. وعدم احترام وتقديس ركن التخصص العلمي الدقيق كعامل مهم ووحيد للرقي بالجامعة (الأستاذ، الطالب، المعرفة).

ونود هنا أن نشرح مسألةَ كيفيةَ بناءِ وتأسيس معالمِ التخصص العلمي لدى الباحث والبحث العلمي والجامعة، التي لا توليها الجامعة الجزائرية – للأسف- عناية متميزة، فيدلف جراء هذه الممارسة  غير المتخصصين للعبث في مجالات بحثية تخصصية غريبة عنهم. وبناء على التجارب والتراكمات العلمية المستفادة من الجامعات المنتجة للمعرفة والمُصنفة عالميا، أن للباحث الجامعي الحقيقي المتمكن دائرتان تخصصيتان يتحرك ضمن إطارهما العلمي والمعرفي والمنهجي، سبق وأن خضع خلال مساره التكويني العلمي النظري والتطبيقي لقواعدهما وتَمَهَّرَ أصولَهما وتدرب على أنساقهما حد الإتقان والتحكم والعطاء والتجديد. وأنه استوعب أهم – بل كل- مسائل تخصصه العلمي في الأنساق الثلاثة الآتية: (أصول العلم، مصطلحات العلم، منهج البحث في العلم)، فلكل علم أصوله وقواعده ومعالمه وكلياته وفروعه وأدلته وشواهده وتاريخه وتراكماته.. ومصطلحاته أيضا، فمصطلحات الفقهاء والأصوليين تختلف عن مصطلحات المتكلمين والفلاسفة والمحدثين.. ومنهج البحث الفقهي والأصولي يختلف عن منهج البحث الحديثي والدعوي، وهكذا في سائر العلوم.

أما الدوائر التي يجب أن يتقنها ويتحكم فيها تحكما دقيقا فهما: "دائرة بؤرة التخصص الدقيق"، و: "دائرة الاهتمام التخصصي المشترك"، ذات الصلة الوطيدة والمباشرة بحقله المعرفي والعلمي والمنهجي والثقافي الدقيق، كعلاقة بعض العلوم الإنسانية ببعض العلوم الشرعية مثلا أو العكس.

وما يجب أن نؤكد عليه هنا أن الباحث الجامعي الأصيل والمتمكن، الذي تم اختياره بالطرق العلمية والمهنية النزيهة والشفافة، وليس الذي أفرزته منظومة الفساد الجامعي من ذوي القرابات والوساطات واللوبيات والجماعات الضاغطة، يجب أن يكون في تخصصه العلمي الدقيق فحل ميدانه من غير منازع، وسيد قومه المطاع من غير منافس، له كلمته المحترمة والمفيدة والمُتبعةِ، كما يجب عليه أن يُؤلف في تخصصه كتابا واحدا في السنة على أقل تقدير في المادة التخصصية التي يدرسها ويلقيها على الطلبة، فضلا عن أربعة أو خمسة أبحاث تخصصية معمقة يُشارك فيها في الملتقيات المحلية والدولية والعربية والإسلامية، وعشرات المقالات والردود والتوضيحات عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، ولاسيما المكتوبة منها كالمجلات الأسبوعية والشهرية والفصلية.

كما يجب عليه أن يَتَمَهَّرَ علمَهُ التخصصي ويحذقه ويكتب فيه شيئا علميا مقبولا، مرورا بمرحلة التقليد والتبعية  والنقل والترجمة والاقتباس والمحاكاة العلمية والمنهجية الأصيلة للبارزين والمتميزين في ذاك الحقل العلمي، إلى أن تتطور ملكاته وإمكاناته وقدراته فيتحول إلى مرحلة الهضم المعرفي والمنهجي الأصيل، ومنها إلى مرحلة إعادة إنتاج المعرفة وتسويقها وتدويرها، وصولا إلى مرحلة تقعيدها والتنظير فيها، والتفرد بالنظريات والآراء الخاصة به، والتي ستصير اسم علم خاص به صِنْوَ اسمه الذي اكتسبه من أسرته.

كما يمكنه أيضا أن يتحرك في إطار الدائرة العلمية التخصصية الثانية له "دائرة الاهتمام التخصصي المشترك"، فيتقرَّب منها بحكم كثرة قراءاته واطلاعاته الذاتية، ومن كثرة تساؤلاته واستفساراته والسماع من مُتخصصيه، كما فعلتُ – كتجربة شخصية- خلال ملازمتي وصحبتي لأفضل أساتذة التاريخ في الجامعة الجزائرية سنوات 1994-2002م من خلال جمعية مآثر أول نوفمبر المهتمة بكتابة التاريخ، والتي ضمت خيرة الباحثين في تاريخ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر وفي تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، فاستفدت منهم أيّما استفادة عادت عليَّ بالتأليفات الكثيرة التخصصية وغيرها.

وأن يحاول – بوعي مَوَّارٍ- تحريك آليات الفهم والتحليل والنظر والتعمق في الكثير من كلياتها وثانوياتها وتفصيلاتها، ليتطور بعدها ويكتب فيها، ولا يتأتى له ذلك إلاّ بعد طور عناء وصبر وتحملٍ، وكثرة قراءة، وإدمانٍ على ارتياد المكتبات الخاصة والعامة الجامعية وغيرها، ومن كثرة تدريسٍ وتعليمٍ وتكوينٍ وتدريبٍ على كتابة المقالات القصيرة وتحضير الدروس للطلبة، وحضور الملتقيات والندوات والأيام الدراسية التخصصية وغيرها.

وحتى يصل الأستاذ الباحث إلى مرحلة التمكن والسيطرة من هاتين الآليتين (بؤرة التخصص ودائرة الاهتمام)، فالتحكم، فالعطاء، فالتنظير، فالتقعيد..  يجب عليه أن يمر بمراحل تكوينية وتأطيرية عديدة، سأشرحها من خلال هذا العرض المنهجي والمعرفي والعلمي والتكويني الذي وفَّرَتْهُ لنا بعض الأسماء الأكاديمية المتميزة التي صدقت ما عاهدت الله عليه من أساتذتنا ومشايخنا وأولي الفضل علينا ممن قضى نحبه وممن مازال ينتظر محتسبا في محراب العلم والفضيلة المقدس إلى اليوم، والذي رسمته لنا أيضا الجامعات المصنفة عالميا أثناء إعدادها لطلبتها وباحثيها الذين هم مستقبلها واستمرارها وتطورها العلمي والحضاري. وها هي آليات التمكن التخصصي.

* آليات التمكن التخصصي:

ويتدرج الباحث وفق التسلسل العلمي والمعرفي والمنهجي والتكويني والأخلاقي والثقافي والأدبي.. في جامعته تلك، وفق المراحل التكوينية الآتية:

1 – مرحلة التحصيل الجامعي الأولي (40-100 كتاب):

ويكون ذلك منذ أن يلتحق الطالب بالجامعة، ويتعرف على تقاليدها وأعرافها وضوابطها وقوانينها، ويدرس فيها سنواته الأربع، ويحصل على المقرر الجامعي الرسمي، حيث يغطي كل مساق (مقياس) علمي كتاب سبق وأن أعدته لجنة تأليف، أو كتبه أستاذ متميز في التخصص وراجعته لجنة متخصصة، فيكون مجموع ما درسه من كتب مجموعه مقررة في السنة عشرة كتب تخصصية، يعضدها قراءات تخصصية وثقافية وأدبية أخرى، فيتخرج الطالب بعد أربع سنوات وقد قرأ أربعين كتابا تخصصيا، فضلا عن قراءاته الأخرى، وحضوره الملتقيات والندوات والأيام الدراسية وعروض ومعارض الكتب والالتقاء بالأدباء والكتاب والباحثين المحليين والزائرين، ممن يعرضون كتبهم ومؤلفاتهم وإصداراتهم الجديدة، وفي هذه المرحلة يكون الطالب قد قرأ علمه التخصصي من أربعين كتابا أو يزيد عنهم بقليل أو كثير حسب رغبة وإمكانات وتطلعات الطالب ونظرته لمستقبله. ويكون قد حصَّلَ على أصول العلم ومنهجه ومصطلحاته الخاصة به، ما تؤهله ليكون مشروع باحث مستقبلي إن لم يُرِدْ التوجه إلى الحياة العملية، التي سيدخلها بكل اقتدار وتمكن، فيفيد وينفع أمته ووطنه.

2 – مرحلة الدراسات العليا (200 كتاب):

وتأتي مرحلة الدخول إلى مسابقة الدراسات العليا أو المعمقة، حيث يُختار فيها أفضل الطلاب وأنجبهم وأقدرهم من كافة أنحاء الوطن دون تمييز أو محاباة أو غيرها من أشكال التحييز، وذلك عبر الامتحانات الكتابية والشفهية النزيهة، والتي يضطلع بها أفضل وأقدر وأصدق وأخلص الكفاءات الأكاديمية الجامعية، الذين يُشكلون الضمانة العلمية والأخلاقية، ولا يقدسون سوى الحقيقة، ولا يعملون ولا يهدفون ولا يتوسلون سوى الحق والحرية الأكاديمية المقدسة. ومن ثمة يتم الالتحاق بالدراسات العليا عن جدارة واقتدار، وهي التي ستؤهله لقراءة قرابة مائتي كتاب تخصصي بطرق ومناهج وكيفيات وأدبيات مغايرة عن مرحلة التلقي الجامعي الأولي. فيتعمق في الفهم والتحليل والمناقشة والمذاكرة، وتشكيل الإشكالات وتعميق الفروض، وتأصيل القراءات والمقاربات والإجابات.. ونحوها من سائر عمليات التأصيل والتأسيس والتكوين المعرفي والمنهجي والمصطلحي، والتدرب على كتابة المقالات التي تُبرزُ مواهب وكفاءات الطالب الباحث. ويتخرج الطالب بعد دراسته المعمقة والتي يجب أن تدوم سنتين، وقد قرأ خلالهما قرابة مائتي كتاب أو أكثر.

وما يُدمى له الفؤاد ويتحسر له القلب أن المسابقات – وللأسف الشديد- التي تتم في جامعاتنا الجزائرية منذ أكثر من عقد ونصف 2000-2015م، والتي تُسَوَّقُ فضائحها وفسادها وعدم شفافيتها الصحف والنقابات بشكل دوري ومسيء لعقل الأمة ونخبها المخلصة، تلك المسابقات غير النزيهة التي يدلف إليها الفئام العريض والسواد من الهمل من الموظفين عبر بوابة الوظيفة الجامعية نحو منصب الأستاذية (الكارزمي) المحترم جدا، فكثير من مديري الإقامات والمطاعم الجامعية والأمناء العامين والموظفين العاديين ممن كانوا يكتبون الشهادات المدرسية، بَلْهَ الأعوان المستخدمين والحراس والمديرين التنفيذيين وأمثالهم من الأطباء الفاشلين ومديري البنوك والمحاسبين.. صار طالبا في قسم الدراسات العليا ثم صار حاملا لشهادة الماجستير والدكتوراة التي تحتضنها مراكز حفظ النفايات والردم الجامعي، والتي تعاني اليوم من عاديات الغبار والزمن والنسيان والإهمال، لأنه لا يجرؤ أحد على نشرها والتعريف بها لعلمه ومُشْرِفِهِ ولجنة المناقشة من أين أتى بها؟ وما قيمتها العلمية والمعرفية والمنهجية؟ وماذا أضافت إلى العلم والمعرفة، والجامعة؟ فصار أمثال هؤلاء عالة على هذه الجامعة المسكينة المتخلفة، وعوض أن ترتقي وتتطور بهم، وأنى تتطور بالفساد والمفسدين، نجدهم زادوها وزادوا أنفسهم تخلفا وضِعَةً وإهانةً.

3 – مرحلة إنجاز بحث الماجستير( 400 كتاب):

وتأتي مرحلة إعداد بحث الماجستير الذي يُنتقى عنوانه من بين خيرة عقول أهل التخصص والبارزين فيه، وتُراعى فيه مدى خدمته لواقعه ومجتمعه من جهة، ومدى خدمته لمسيرة التراكمات المعرفية من جهة ثانية، وماذا سيقدم هذا البحث من جديد للأمة والوطن والجامعة والباحث؟ وهل سيرتقي بها أم سيكون عالة عليها كحال الفئام العالة عليها اليوم؟

ويبحث الطالب السوي طيلة ثلاث سنوات بحثا تخصصيا متواصلا، تحت إشراف أستاذ أكاديمي باحث متخصص ومتمرس يعرف قيمة وأصالة ومكانة ودور البحث العلمي، على عكس عرف الإشراف والمناقشة الجاري والمتعارف – للأسف الشديد- عليه في جامعاتنا، حيث يسيطر ويحوز على سوق الإشراف أباطرة الإشراف وسماسرة المناقشات من الإداريين ومن لف لفهم في اللجان والمجالس العلمية؟؟ (لي بحث أكاديمي موثق تقدمت به للمشاركة في ملتقى بإحدى الجامعات الجزائرية عنوانه: (أباطرة الإشراف والمناقشات ودورهم في استفحال ظاهرة السرقات العلمية في الجامعة الجزائرية، فالمشرفون لصوص يسرقون إنتاج طلبتهم، وطلبتهم يهرفون ويغرفون دون توثيق وإحالة).

وفي هذه المرحلة البحثية المتميزة يقرأ الطالب كل أسبوع أربعة كتب، فالكتاب الذي تبلغ عدد صفحاته خمسمائة صحفة يُقرأ في ثلاثة أيام على أكثر تقدير، بمعدل مائتي كلمة في الدقيقة للمُتَمَهِّرِ في فن القراءة، فيقرأ في الساعة أربعين صفحة علمية، وفي اليوم يقرأ بمعدل أربع ساعات، أي ما مجموعه مائة وستون صفحة، هذا إن لم يقرأ في اليوم سبع أو ثمان ساعات كما كنا نفعل في تلك المرحلة سنوات 1989-1992م، أي ما مجموعه مائتين وثمانين صفحة، أي بمعدل كتاب أو نصف كتاب، وبعد هذا الجهد العلمي والمنهجي والمعرفي والأدبي والثقافي المُضْني والممتع معا، يقدم بحثه مذيلا بقائمة طويلة من كتب التخصص، حيث سيُضيف بحثه شيئا ما يُذكر للمعرفة بعد هذه القراءات، وإلاّ فما فائدة النقل واللصق والسرقة والتعدي على جهود وإنتاج الآخرين كما هو حاصل في جامعاتنا المسكينة والفقيرة، التي تبحث عن التصنيف بالضياع والفراغ والضائعين والفاسدين.

والجدير بالملاحظة والتنويه هنا أن الرسائل العلمية الجيدة، والتي أنجزها باحثون حقيقيون وجدت طريقها بسهولة للطبع في أرقى السلاسل العلمية العربية والإسلامية المحكمة، وطُبعت ثلاث أو أربع طبعات عالمية.

4 – مرحلة إنجاز بحث الدكتوراة ( 600-800 كتاب):

وتأتي هذه المرحلة تتويجا لمرحلة البحث في مرحلة ودرجة الماجستير، حيث التعمق والغوص والتحليل والبحث عن الجذور والأسباب البعيدة للمسائل، وحيث التوسع والشمولية والإلمام والإحاطة الكلية بالموضوع المبحوث، التي تدفع الطالب الباحث لتوثيق قائمة مراجعه ومصادره ووثائقه الحقيقية والتي تقارب الألف مصدر ومرجع، وفي هذه المرحلة يصير الطالب الباحث صاحب رؤية أو نظرية تُعرف به، وتنسب له. وقد وَثَّقْتُ لمجموعة من الباحثين الجادين الذين جمعتني بهم أخوة وَرَحِمُ العلم لسنين البحث العلمي الممتدة من مرحلة الدراسات العليا فالماجستير فالدكتوراة 1987-1999م أنهم أنجزوا أبحاثهم في مرحلة الدكتوراة بقائمة مصادر ومراجع قاربت الثمانمائة مصدر ومرجع، وكنت واحدا من أولئك الذين أنجزوا رسالة بألف مصدر ومرجع ووثيقة ومخطوطة ومقابلة وحوار.. وجدت طريقها للطبع في أرقى دور النشر العربية والإسلامية.

ويقضي الطالب الباحث في مرحلة الدكتوراة خمس سنين علمية حقيقية وفاعلة، يقرأ خلالها ألف كتاب علمي تخصصي، وتغدو حياته كلها بحث وتحليل ونظر وقراءة وتلخيص وكتابة، فينام ويقوم ويحلم ويأكل ويشرب ويستحم ويسافر ويصلي ويصوم ويذكر ربه ويفكر في شريكة العمر وينتقد الفساد ويحمل على المفسدين ويتألم لهموم أمته ووطنه ويفرح لفرحهم ويحزن لأحزانهم.. وهو في حالة تفكر واستصحاب دائم للبحث.

ويتأهل للدخول إلى الجامعة بثقة واقتدار وثبات، وهو قد استصحب أربع سنين بحث ودراسة قاعدية في تعليمه الجامعي الأولي قرأ خلالها مائة كتاب، عضدتهم سنتان من الدراسات العليا قرأ خلالها مائتي كتاب، ثم رفعت من أدائه وكفاءته مرحلة إعداد درجة الماجستير التي قرأ فيها أربعمائة كتاب، فضلا على تمهره في فنيات كتابة البحث العلمي، وختم ذلك بمرحلة إعداد الدكتوراة التي قرأ فيها ألف كتاب تقريبا، وتخرج باحثا استوى على ألف وخمسمائة كتاب في تخصصه العلمي الدقيق، ليدخل العمل في الجامعة، وليبدأ مرحلة جديدة، تؤهله وجامعته للبحث عن التصنيف العالمي.   

5 – مرحلة الالتحاق للتدريس بالجامعة (1500 كتاب … ما لانهاية):

        وهي مرحلة بداية تقديم الثمار الأولية من مراحل التكوين المختلفة واستثمار واستغلال الجهود السالفة، بعد قراءته لألف وخمسمائة كتاب وتأليف رسالتين علميتين والعديد من المقالات والأبحاث الأولية، وهي مرحلة طبيعية وتلقائية ومنطقية ونتيجة لسنين البحث الطويلة، وفيها يدخل الأستاذ الباحث  مرحلة التأليف التخصصي للمساقات (المقاييس) العلمية التي يُكلف بتدريسها، والتي تدفعه لقراءة العشرات بل المئات من الكتب في التخصص، وتُثمر كل سنة علمية بحثية جادة يضطلع التدريس بها تأليف كتاب تخصصي في تلك المادة التخصصية، فيفهم ويُلخص ويهضم مؤلفات سابقيه والبارزين في ذلك التخصص، ثم يحاول في البداية تبني والتزام منهج ومضمون ومحتوى ومصطلحات بعص المؤلفات التخصصية ذات الصلة الوطيدة بالمساقات التي كُلف بتدريسها، ثم يسعى لتكوين رؤية ورأي له في بعض المسائل العلمية والمنهجية، بدءاً بتحليل ونقد وتقييم بعض المسائل ووجهات النظر، وإبداء الرأي المغاير فيها، وتقديم بعض الأفكار الجديدة في المسألة، وهكذا يُعد نفسه لتقديم أول كتاب تخصصي له، يحمل الخصوصية الجزائرية، وهكذا طيلة حياته العلمية الزاهرة، قراءة مائة كتاب في السنة على أقل تقدير، وتأليف كتاب تخصصي، وكتابة أربعة أبحاث علمية تخصصية في مجاله والمشاركة بها في الملتقيات العلمية الجامعية الوطنية والدولية

  ويظل يسير على هذا المنوال، قراءة وكتابة وتأليفا وحضورا وسماعا ومشاركة.. يحدوه وجوده الرسالي وهدفه الذي خطط له منذ بداية حياته العلمية وهو شاب في العشرين من العمر، فما يصل السبعين إلاّ وقد قرأ أكثر من عشرة آلاف (10000)كتاب، وألف وكتب أربعين إلى ستين كتابا، وكتب مئات المقالات والأبحاث والدراسات القصيرة، وحضر أكثر من ثلاثمائة ملتقى ومؤتمر وندوة ويوم دراسي..

  وبهذه العطاءات الشهودية، وبهذه المسيرة العلمية الحافلة، يوقع حضوره الفاعل، ويؤدى بعض ما افترضه ربه عليه، ويكافىء أمته ووطنه ودولته التي لم تبخل عليه. وهذا هو منهج جيل أساتذتنا الأوائل، وسرنا نحن على منوالهم، وبجيلهم عُرفت الجامعة الجزائرية وصُنفت، فإن كنتم تريدون تصنيفها فأبعدوا عنها الفساد والفاسدين والمفسدين، وأبعدوا عنها العبث والعبّاثين، وما ذلك عليكم بعسير؟؟

* كلية العلوم الإسلامية جامعة الحاج لخضر 1 باتنة

 

 

يمكنك الوصول للخبر بسهولة عن طريق الرابط المختصر التالي:
https://alssehafi.org/?p=10007

شاركنا بتعليق








لا يوجد تعليقات بعد



 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين..مركز الملك سلمان ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة ..... المزيد

 المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات

المؤتمر الوزاري العالمي من جدة: إنشاء مركز تعلم الصحة الواحدة لمقاومة مضادات الميكروبات ..... المزيد

 ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم

ولي العهد يلتقي الفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم ..... المزيد

 “الصحة”تطلق حملة التحصين التكميلية للحصبة والحصبة الالمانية والنكاف

“الصحة”تطلق حملة التحصين التكميلية للحصبة والحصبة الالمانية والنكاف ..... المزيد

 سبل والصحة يوقعان اتفاقية على هامش ملتقى الصحة العالمي 2024

سبل والصحة يوقعان اتفاقية على هامش ملتقى الصحة العالمي 2024 ..... المزيد

 التعليم: لا علاقة للعلاوة السنوية بالرخصة المهنية

التعليم: لا علاقة للعلاوة السنوية بالرخصة المهنية ..... المزيد

 ضبط 3.6 طن من الثوم المخالف في نطاق بلدية بريمان بجدة

ضبط 3.6 طن من الثوم المخالف في نطاق بلدية بريمان بجدة ..... المزيد

 البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية

البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت التجارية ..... المزيد

 أمانة جدة تزيل 34 مظلة مخالفة ضمن حملة ميدانية لتصحيح المشهد الحضري”

أمانة جدة تزيل 34 مظلة مخالفة ضمن حملة ميدانية لتصحيح المشهد الحضري” ..... المزيد

 أمانة محافظة جدة تعزز التواصل بين القيادات والموظفين في اليوم العالمي لإدارة المشاريع

أمانة محافظة جدة تعزز التواصل بين القيادات والموظفين في اليوم العالمي لإدارة المشاريع ..... المزيد

Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com